للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ ذَلِكَ، يُغِيرُونَ على مَنْ حَوْلَهَا مِنَ المُشْرِكِينَ ولا يُصيبُونَ الصِّرْمَ الذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْماً لِقَوْمِهَا: ما أرَى أنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ يَدَعُونَكُمْ عَمداً، فهلْ لكُمْ في الإِسْلامِ؟ فأطَاعُوهَا، فَدَخَلُوا في الإِسْلامِ.

ــ

من العجائب التي شاهَدَتْها، وحدثتهم عنها " فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه (١)، أو إنه لرسول الله حقاً " أي إنه لا يخلو من أمرين: إما أن يكون أسحر شخص موجود بين السماء والأرض، أو يكون نبياً ورسولاً صادقاً في نبوته ورسالته، لأن هذه الخوارق إما أن تكون سحراً، أو معجزةً " فكان المسلمون بعد ذلك يغزون مَنْ حولها من المشركين، ولا يصيبون الصِّرم " بكسر الصاد " التي هي فيه " أي ولا يغيرون على بيوت الشعر التي يسكنها قومها " فقالت يوماً لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمداً " أي الذي أراه وأعتقده أن المسلمين قد تركوا قتالكم متعمدين قاصدين ذلك حفظاً للجميل ووفاءً لصحبتي معهم، لا صدفة ولا خوفاً منكم " فهل لكم في الإسلام " أي فإني أرغبكم في الإِسلام، وأحثكم عليه وأنصح لكم به ما دامت هذه هي أخلاق المسلمين وشيمهم وهذه معجزات نبيهم - صلى الله عليه وسلم - " فأطاعوها فدخلوا في الإِسلام " أي وشرح الله صدورهم لدين الإِسلام.

ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية التيمُّم بجميع أجزاء الأرض من تراب ورمل وحجارة وغيرها متى كانت طاهرة لأنّ هذا ما يعنيه الصعيد الطيب في لغة العرب وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتيمم بالصعيد في قوله: " عليك بالصعيد الطيب فإنه يكفيك " وهو مصداق قوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) وفيه حجة للجمهور على جواز التيمم بكل أجزاء الأرض لا


(١) أي وأشارت بأصبعها الوسطى والسبابة إلى السماء والأرض مشيرة بالسبابة إلى السماء وبالوسطى إلى الأرض. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>