شَطرهَا، فَرَجَعْتُ إليْهِ فَقَالَ: ارجِعْ إلى رَبِّكَ فإنَّ أمَتّك لا تُطيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وهيَ خَمْسُونَ لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إلَى مُوسَى فقَالَ: رَاجِع رَبَّكَ. فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، ثُمَّ انْطَلَقَ بي حَتَّى انتهَى بِي إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهي وغَشِيَهَا ألْوَانٌ لا أدرِي ما هِيَ، ثُمَّ أدْخِلْتُ الجَنَّةَ فَإِذَا فيها حبَائلُ اللؤلُؤِ وِإذَا تُرابُهَا المِسْكُ".
ــ
شطرها" أي نقَّصَ جزءاً منها، وما زال - صلى الله عليه وسلم - يراجع ربه، والرب عز وجل يُنقِصُ من عدد الصلوات حتى صارت خمساً، " فقال: هي خمسٌ " أي خمس في عددها " وخمسون " في مضاعفة ثوابها " لا ييدل القول لديَّ " أي هذا هو قضاء الله تعالى ووعده الذي لا يقبل التخلف " ثم أدخلتُ الجنة، فإذا في حبائل اللؤلؤ " أي أسلاك اللؤلؤ المنظوم. الحديث: أخرجه الشيخان، والترمذي والنسائي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن الصلوات الخمس فرضت في السموات ليلة المعراج، كما ترجم له البخاري، وأجمع عليه أهل العلم، إلاّ أنهم اختلفوا في تاريخه، فقيل قبل الهجرة بعام ورجحه النووي، وقال: الزهري وابن اسحاق قبل الهجرة بخمسة أعوام ورجحه القاري. حتى وصلت إلى عشرة أقوال. ثانياًً: إثبات الإِسراء والمعراج، والراجح الذي عليه الجمهور أنه كان يقظة لا مناماً، وبالروح والجسد معاً لقوله - صلى الله عليه وسلم - "فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل، ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم" فإن هذا لا يكاد يسمعه أحد إلاّ تبادر إلى ذهنه أن الإِسراء والمعراج بالروح والجسد. والمطابقة: في قوله: " ففرض على أمتي خمسين صلاة ".