للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَنْ لَا يُغْلَقُ أبَداً. فَقُلْنَا: أكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا أنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بالأغالِيطِ، فَهِبْنَا أنْ نَسْألَ حُذَيْفَةَ فَأمرْنَا مَسْرُوقاً فَسَألهُ فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ.

ــ

والحسنات (١) كما قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " " قال: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر " أي ليس هذا الذي سألتك عنه فإنّي لم أسألك عن الفتنة الخاصة التي تصيب المرء بسبب أهله أو ماله أو ولده وإنما سألتك عن الفتنة العامة التي تصيب المجتمع الإِسلامي كله، والتي تضطرب اضطراب البحر فتغرق الأمة الإِسلامية في بحر من الدماء: " فقال: يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها باباً مغلقاً " أي إذا كنت تسألني عن الفتنة العامة التي تصيب المسلمين جميعاً بالشرور والبلايا وتوقعهم في الحروب وسفك الدماء فيما بينهم، فاطمأن يا أمير المؤمنين: فإن المسلمين اليوم في مأمن منها، وإن بينك وبين هذه الفتنة باباً مغلقاً قوياً، أما ما هو هذا الباب فسيأتي الجواب عنه في آخر الحديث " قال: أيكسر أم يفتح، قال: يكسر " أي فسأل عمر حذيفة: هل يزول هذا الباب بشدة وعنف وسفك دماء، أم يزول من دون ذلك، فقال حذيفة: بل يزول بالعنف والشدة والدم " قال: إذن لا يغلق " أي ما دام (٢) قد فتح بالدماء، فسيبقى هذا الباب مفتوحاً للدماء، فلا تنتهي الحروب بين المسلمين " قيل لحذيفة: كان عمر يعلم الباب؟ قال: كما أن دون الغد الليلة " أي قال بعضهم هل كان عمر يعلم معنى الباب المذكور في هذا الحديث فقال نعم يعلمه كما يعلم أن هذه الليلة قبل الغد "إني حدثته


(١) أي إن الحسنات تكفرها ما دامت لم تتجاوز حدّ الصغائر إلى الكبائر أما إذا تجاوزت هذه الفتن إلى حد اقتراف الكبائر فلا يكفرها إلاّ التوبة أو عفو الله.
(٢) أي ما دام باب الفتنة يفتح بالدماء فستبقى الحروب إلى قيام الساعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>