أن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ".
ــ
٣٤١ - معنى الحديث: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " يحتمل أن يكون هذا النفي موجهاً إلى صحة الصلاة، أو إلى كمال الصلاة، وعلى الأوّل فمعناه: أن من لم يقرأ بالفاتحة لا تصح صلاته، بل تكون باطلة، وعلى الثاني معناه: أن من لم يقرأها تصح صلاته، ولكنها تكون ناقصة غير كاملة، والأول أظهر، لأنّه إذا لم يمكن نفي الصلاة لوجود صورتها، تعين نفي أقرب الأشياء إلى ذاتها وهو الصحة، لأن الوجود الشرعي يتوقف عليها. فيكون المعنى أن الصلاة بغير فاتحة ليس لها وجود شرعي، ولذلك فإنها لا تصح، وإنما تكون باطلة غير مقبولة عند الله تعالى.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها، وهو قول الجمهور خلافاً للحنفية حيث قالوا: الفاتحة واجبة والواجب عندهم ليس فرضاً، وإنما هو بين الفرض والنفل، وليست ركناً، لأن الركن لا يثبت إلاّ بدليل قطعي من آية محكمة، أو سنة متواترة، ولا شيء من ذلك.
فالركن مطلق القراءة لقوله تعالى:(فاقرءوا ما تيسر منه) وقوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيء صلاته: " إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر من القرآن " ولم يعين الفاتحة. واستدل الجمهور بحديث الباب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفى كل صلاة لا يقرأ فيها بالفاتحة، وهو يقتضي نفي وجودها وصحتها شرعاً، كما يؤكد ذلك حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " أخرجه ابن خزيمة وأما الآية المذكورة فهي في قيام الليل، وأما حديث المسيء فهو مجمل بينته الأحاديث الصريحة، وقد جاء في إحدى رواياته أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للمسيء: " ثم اقرأ بأم القرآن ... " أخرجه