للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يغتسل لها، كما يسن ذلك للرجال، لعموم هذا الحديث. لكن جاء في حديث أبي سعيد تخصيص الاغتسال بالرجال البالغين حيث قال: " غسل الجمعة واجب على كل محتلم ". وقد جمع النووي بين الحديثين فقال: هذا الحديث ظاهر في أن الغسل مشروع للبالغ سواء أراد الجمعة أو لا. وحديث: " إذا جاء أحدكم " .. ظاهر في أنه لمن أرادها سواء البالغ والصبي، فيقال في الجمع بينهما إنّ الغسل يستحب لكل مريد للجمعة، ويتأكد في حق الذكور أكثر من النساء، ويتأكد في حق البالغين أكثر من الصبيان (١). اهـ. ولهذا ذهب الجمهور إلى أنه يسن الغسل لكل من أراد حضور الجمعة ممن لا تجب عليه، كالنساء والصبيان والمسافرين وغيرهم. وأن هذا الغسل سنة مطلقاً لكل من أَتى الجمعة، سواء كانت تلزمه أم لا، وأنه لصلاة الجمعة لا ليوم الجمعة، فلا يشرع لمن لا يريد حضورها، وإنما اختلفوا في وقته. قال القسطلاني (٢): وقد علم من تقييد الغسل بالمجيء، أن الغسل للصلاة، لا لليوم، وهو مذهب الشافعي (٢) ومالك وأبي حنيفة (٣) فلو اغتسل بعد الصلاة؛ لم يكن للجمعة، ولو اغتسل بعد الفجر أجزأه عند الشافعية والحنفية، خلافاً للمالكية والأوزاعي، وفي حديث اسماعيل بن أمية عن نافع عند أبي عوانة وغيره؛ كان الناس يغدون في أعمالهم، فإذا كانت الجمعة؛ جاءوا وعليهم ثياب متغيرة فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من جاء منكم الجمعة فليغتسل. واستدل به المالكية في أنه لا بد أن يكون الغسل متصلاً بالذهاب، لئلا يفوت الغرض، وهو وقاية الحاضرين من التأذّي بالروائح حال الاجتماع، وهو غير مختص بمن تلزمه. اهـ. وقال ابن قدامة


(١) " شرح النووي على مسلم " ج ٦.
(٢) " شرح القسطلاني على البخاري ج ٢.
(٣) وهو مذهب أبي يوسف أيضاً قال في " الهداية ": " ثم هذا الغسل للصلاة عند أبي يوسف رحمه الله تعالى، وهو الصحيح لزيادة فضليتها على الوقت واختصاص الطهارة بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>