ومساومتها بالرجل وهذا ناشئ عن تقدم الأفكار كما هو ناشئ عن غيره من الأسباب الخارجية.
(وكلمة المسيح التي تتضمن أمره في الطلاق مرنه تقبل أي تفسير تتطلبه حكمة المقنن)
ولنا أن نقول أن المسيح لما قال:(فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان) لم يكن في تصوره الا اقتلاع حطة الأخلاق وانه لم يفكر في نتائج كلامه ويدل الحكم الملحق القاضي يجعل الزنا السبب الوحيد لجواز الطلاق على تنبيه المسيح لمقتضى الحال إلا أن حكمة المقننين التالين لم تقف عند التمسك الأعمى بحكم وضع في الغالب بجمعية في طفولتها. ويمكن أن تحسب قاعدة المسيح مبدأ يدل على شعور سامي لا أن تحسب نموذجاً ففي حكم الطلاق هو مماترده الإصلاحات التي اضيفت إلى هذه القاعدة في الاعصر التالية في البلاد النصرانية ولم يقيد حق الطلاق في الجاهلية والجاهليون لم يراعوا في نسائهم عدل وشفقة إلا أن النبي انظر إلى هذه العادة بعين السوء وعلى استعمالها مما يهز اركان الاجتماع وكثيراً ماصرح بأن لا شيئاً يرضي الله أكثر من عتق الرقاب ولا شي يغضبه أكثر من الطلاق ولكن كان أمن المستحيل عليه اقتلاع هذه العادة بتاتاُ من بين الاعراب وهم على ما كانوا عليه. فمن ثم تحتم عليه أن يهذب جمعية ساذجة على جانب عظيم من التوحش ويعدها لحالة أسمى حتى إذا حان الوقت ونضجت الأفكار تنمو مبادئه وتزهر أخلاقه في قلوت البشر ولم تكن تلك العادة شراً محضاً لدلك أباحها للرجل على شروط معلومة فأجاز للزوجين مدداً ثلاثاً يمكن لهما في غضونها إصلاح ذاب البين فإذا لم يتم ذلك جرى الطلاق.
ووضع قاعدة التوسط فيما إذاحدث نزاع بينهما. قال المسيوسيرو وهوممن لم يفضله احد في تحليل الأحكام الإسلامية:(اجيز الطلاق ولكن وضعت له رسوم تفضل إلغاء طلاق مستعجل لم يترو فيه. ولكي يكون الطلاق مما لايقبل الرجعة تلزم ثلاث طلقات متعاقبة يفصل مأبينها شهر واحد)
ولقد احدثت إصلاحات النبي تغيراً جديداً في الشرائع المشرقية فهو وضع حداً للطلاق ومنح النساء حق الفارقة لأسباب معقولة وفي أواخر أيامه بلغ به الحال أنه حرم الطلاق إذا لم يوجد حكم (أن ابغض الحلال إلى الله الطلاق) لأنه يمنع السعادة ويضر في تربية