يراقبون النساء بدقة شديدة. ونشأت من احتجاب المرأة بالطبع طبقة الهتري التي كان لبعض أعضائها أثر مهم في التاريخ الأثيني. لولا المظهر الخارق للعادة التي ظهرت به الدولة البيزنبية والدول الأوروبية والأمريكية لقلنا أن منشأ الطبقة البائسة التي تظهر في كل هيئة اجتماعية تقدمت ولو قليلاً في الصناعات المدنية والتي هي خطر على البشر وعار على المدينة هو انسحاب المرأة وحرمانها من حقها المشروع في تهذيب العقول وتمحيصها وترقية عواطفها. ومن خواص العقل البشري أنه متى لم يدرك النقي يسعى في إدراك المشوب. وخير مثال لقولنا هذا في الأزمنة الخالية البابليون والاترسكانيون والأثينيون والجاهليون من أهل مكة.
ومنشأ الفساد العمراني الذي ينسل إلى كل قلب ويسمم دماء الأمم المعاصرة هو انتشار عبادة المادة ومغطاة بغشاء من ن الدين سواء كان نصرانياً وإسلامياً أو غير ذلك. وقد تألم النبي منذ صباه من انتشار فساد الآداب المخيف بين أهل مكة واتخذ أقوى وسيلة موافقة لاقتلاع جرثومته قال بسورت سميث (ولقوانين النبي الشديدة في أول الأمر ثم بالتنبه الأدبي الذي حدث من هذه القوانين بعد ذلك نجح حتى يومنا هذا وكان نجاحه أشد من عيره في تخليص البلاد الإسلامية) حيث لم تطفح بالأجانب (من هؤلاء المتشردين الذين يعيشون بشقائهم وهم بجودهم طبقة معروفة يخجلون كل فردمن الهيئة التي ينتمون إليها)
ومن المحقق أن سنة الحجاب لها منافع كثيرة في الهيئات الساذجة التي لم يستتب عمرانها بل أن الحجاب لا يستقبح بتاتاً في بلاد تختلف فيها طرق التهذيب وتتباين الأخلاق تبايناً كلياً. وهي منتشرة اليوم بين اقوام يبعدون كثيراً عن التأثير الإسلامي الذي يظنه بعضهم السبب في حجاب المرأة في بلاد الهند وغيرها من البلاد الشرقية ففي بلاد كوريا بلغ حجاب المرأة درجة الهزء والسخرية وفي الصين وفي المستعمرات الاسبانية في جنوبي القارة الأفريقية لا تزال عادة الستر محافظاً عليها. ولما قام النبي كانت منتشرة بين الفرس وغيرهم من الأمم الشرقية فأدرك منافعها وربما استحب للنساء العزلة والتفرد لانتشار فساد الأخلاق بين جميع الطبقات ولكن لا يقال أنه أراد أن يكون انفرادها على هذه الصورة الجامدة المعروفة اليوم او أنه أذن بالحجاب هو جزء من هذا الدين. جاء في سورة الأحزاب (يا ايها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن