الكنيسة الواحد تلو الآخر فصولاً طوالاً في قبح النساء وميلهن للشر وتأصلهن في الخبث. وقد مثل ترتليان أفكار معاصريه في المرأة في كتاب يقول فيه (أنها باب الشيطان وفاتحة الشجرة المعلقة تاركة الأوامر الإلهية مهلكة الصورة الرحمانية وهي الإنسان). وذكر كاتب آخر باستخفاف أنه فتش عن العفة في النساء فلم يجد لها أثراً. ومثل كريزستوم وهو من كبار القديسين رأي الكنيسة في المرأة بقوله أنها شر ضروري ومحنة طبيعية ومصيبة ملأزمة وخطر مبين وسحر مميت وضرر مزين وقد حرمت الكنيسة على النساء القيام بالوظائف الدينية كلها إلا ما كان منها وضيعاً ومنعتهن من حضور الجمعيات الخاصة والعامة ومن الذهاب إلى الحفلات والأعياد وأمرتهن أن يعتزلن الناس أن يصمتن ويطعن رجالهن وينصرفن إلى النسيج والغزل والطبخ وأن يحتجبن من فروقهن إلى أقدامهن إن خرجن من بيوتهن - هكذا كان حال المرأة أيام كأنت الماريولتري سائدة بين الناس. وفي الأيام التالية وفي المدة التي انقضت بين انقراض الدولة الغربية واستتباب العمران الأوربي الحاضر وهي مدة وصفت بأنها (زمن الاغتصاب والمداهنة والاستبداد والشهوة والعنف) حسنت النصرانية من حال المرأة بعض التحسين بإدخال مسألة الأديار للرهبان والراهبات وهذا التحسين المشكوك فيه لا يصلح إلا لعصر كان اختطاف المرأة فيه من الأمور المعتادة وبلغ فساد الأخلاق فيه درجة لا توصف. ولم تكن الأديار معاهد الفضيلة أبداً وكذلك لم تكن الرهبانية أشد حفاظ لطهارة الذيل والعفاف. وفي يومية ريكو المذكور فيها زياراته الدينية ما يوضح خاصة حال الأخلاق ومقام المرأة في أبهى دور (من عصر الإيمان) ولم يؤثر قيام الإنجيليين شيئاً في أحوال المرأة أو في أفكار المشرعين المختصة بها. والخلاصة أن المسيح اكرم المرأة أما أتباعه فحرموها من العدل والإنسانية.
والنظرية الثانية التي اشرنا إليها وهي الشائعة بين طبقة كتاب الروايات في أوروبا فهم يحسبون أن كل من قام في الأعصر المتوسطة هو بيرد او كريشتن. والمظنون أن عصر الفروسية يمتد من ابتداء القرن الثامن إلى انتهاء القرن الرابع عشر (وهي المدة المعاصرة لحكم الأمويين في الأندلس). إلا أن المرأة في هذه المدة وإن أحاطت بها هالة من الشعر والروايات فكثيراً ما كانت موضع الشر والأذى وكأنت القوة والخداع أوصافاً مميزة للعصر الذهبي عصر الفروسية النصرانية. وكان أولند وآرثر حديث خرافة حتى التقى الغرب