بمدينة الشرق. ولم تكن الفروسية ابنة المجاهل الأسكندناوية والحراج الجرمانية لان النبوة والفروسية كلتاهما من نتاج الصحراء.
فمن الصحراء قام موسى وعيسى ومحمد ومن الصحراء أتى عنترة وحمزة وعلي.
وكأنت المرأة عند الحضر من العرب وهم ممن انتحلوا المبادئ الشائعة بين السوريين والفرس والرومانيين على غاية من الانحطاط كما ذكرنا لكنها كان لها عند بعض الرحل حرية حسنة وتأثير قوي في أحوال القبيلة قال برون (ولم تكن كاليونانية موضع البؤس والشقاء) فكانت ترافق الرجال إلى الحرب وتبث فيهم روح الحماسة والنخوة وكان الكماة يخوضون عباب الحرب متغنين بمديح الأخت أو الزوجة أو المحبوبة وعندهم أن ما يكافئ به الحبيب هو خير مكافأة لهم عن صولتهم وبطشهم. وكأنت الشجاعة والكرم خير خصال الرجال والعفة خير خصال النساء. وربما لو أصابت امرأة في القبيلة سبة أو لحقها عار استعرت لها لظى الحرب بين قبائل الجزيرة كلها. وما أسباب حروب الفجار التي استعرت نارها أربعين سنة حتى أطفأ النبي ثائرتها إلا سبة لحقت ابنة فتية في سوق عكاظ.
وقد حول النبي عادة حسنة إلى اعتقاد ثابت فأصبح احترام المرأة باباً من أبواب الإسلام ونرى في كثير من الأحوال التي تعكس لنا صورة عصره الساذج أن سننه تبعث على الشهامة والمروءة في معاملة المرأة أكثر من سنن سائر المعلمين السابقين ويختلف الإسلام كالنصرانية باختلاف الأفراد والعصور لكن المروءة الخالصة كانت في الإجمال أكثر مصاحبة للإسلام منها لغيره.
وكما كان بطل الإسلام وابن مؤسس حلف الفضول على أهبة لمحاربة أعداء الله بسيفه ورمحه كذلك كان على أهبة للأخذ بناصر الضعيف والمظلوم ولم يعدم الداعي الملوح المستجير سواء كان في سهول العراق أو ما هو اقرب للجزيرة فارساً يأتي للأخذ بناصره وجبر كسره.
وكانت أعمال هؤلاء الفرسان تدون في الأخبار وتنتقل من الخيمة إلى القصور فتؤثر في صولة الأجيال التالية وأن الخليفة ألقى من يده يوماً قدح الشراب في دار ضيافته لما بلغه أن فتاة عربية قالت في اسر الرومانيين لم لا يأتي عبد الملك لتخليصي وعاهد نفسه على أن لا يذوق شراباً أو ماء حتى يخلص الفتاة من الأسر فسار من وقته بجيش عرم على