الرومانيين الأنذال وما بر بيمنه حتى ملكت تلك الفتاة أمرها. وإن أحد الملوك المغوليين وهو الملك همايون بينا كأن يسير إلى كابل والأفغانيون يطاردونه وصله سوار ملكة مؤاخية وهو علامة على الصداقة وطلب المساعدة فترك شؤونه الخاصة وأعاد كرته وكسر أعداءها ثم عاد إلى سيره السابق.
وسمى عنترة أبا الفروسية وكان علي مثالها الكمالي جمع الشهامة والشجاعة والكرم وكان نقي القلب رقيق الخصال عالماً لا يخاف ولا يوبخ فوضع أمام الناس أشرف مثال لمتانة الأخلاق والشجاعة والمروءة وقد ظللت مبادئه - وهي صورة مبادئ معلمه - البلاد الإسلامية وكأنت الروح المحرك المحيي لكثير من الأجيال التالية. وكان من أمر الحروب الصليبية أنها جمعت الغرب البربري بمدينة الشرق الإسلامي فنبهته إلى عظمة المسلمين وترفهم. وكان تأثير مسلمي الأندلس خاصة في جيرانهم النصارى هو الباعث على إدخال الفروسية في الغرب ولم يكن التروبادور والتروفور الذين قاموا في جنوب فرنسا والمنسنجر الذين قاموا في البلاد الجزمانية والذين تغنوا في الحرب بأناشيد العشق والشهامة إلا تلاميذ رومنسور قرطبة وغرناطة ومالقة وقد استمد بتررك وبكاشيو بل تايو وتسوشر من الينبوع الإسلامي إلا أن خشونة البرابرة الغربيين في عاداتهم وتصوراتهم كست الفروسية ثوبا حشنا.
وبقيت المرأة في الأعصر الإسلامية الأولى حتى سقوط الدولة العربية في المشرق تشغل مكاناً علياً كمكان المرأة المعاصرة فزبيدة امرأة الرشيد قامت بعمل عظيم في عصرها وتركت بحكمها وأدبها اسماً يفتخر به المتأخرون. وإن حميدة امرأة الفاروق أدبت ابنها في غياب زوجها حتى صار من أشهر علماء عصره وكان اسمه ربيعة الرأي. وكانت سكينة ابنة الحسين وسبط علي أذكى أهل زمانها وأكثرهم فضيلة وتهذيباً وقد سماها برون (سيدة سيدات زمانها) ووصفها بأنها (أجملهن وارقهن وأوضحهن أخلاقاً) وجمعت إلى علمها حسن استماعها لحديث العلماء والصالحين. ولقد عرف نساء بيت النبوة بعلمهن وفضيلتهن وتصلب أخلاقهن. وكانت بوران امرأة المأمون وأخته أم الفضل امرأة الأمام الثامن العلوي وابنته ام الحبيب كلهن مشهورات بالعلم. وقامت في القرن الخامس من الهجرة السيدة سكينة الملقبة بفخر النساء وألقت دروساً عامة في مسجد بغداد الجامع موضوعها الأدب