بالعلم الذي كان يقوم على النظر وإحلال الطريقة العلمية محل الطريقة التقليدية فمن ثم كان من توابع معرفة الوجود معرفة علمية أن عدلت جميع الفنون التي برزت في شكل أعرق في الحداثة والجدة. ما هي الغاية التي يرمي إليها علم الوجود؟ إنه يعنى بالذات أن يُرجع اختلافات الكيفية إلى اختلافات الكمية وبإيجاد طريقة رياضية توضح بإسلوب تام إحدى الظواهر الطبيعة وأن يرجع جميع ظواهر الحياة العضوية في ذاتها إلى حركات تكون أكثر تركباً من المواد الأولية التي ما كانت تختلف في جواهرها عما تتألف منه الأجسام غير الآلية.
حتى أن العلم الحديث على اختلاف أشكاله ميكانيكية كانت أو طبيعة كهربائية أوكيماوية وغيرها ترمي إلى أن تسقط في كل مكان العوامل الحيوية لتسنعيض عنها بعناصر ميتة فتبدل مثلاً القوة المحركة الإنسانية أو الحيوية بقوة البخار أو الكهرباء وتستبدل عوامل الحديد أو الفولاذ أي الأدوات بالعملة الذين خلقوا من لحم وعظم وتستعين عن الحأصلات الآلية والطبيعية كالخشب والألوأن النباتية والأسمدة بحأصلات غير آلية وصناعية كالفحم الحجري والفحم وفحم القلي النيلي والأسمدة الكيماوية. فأصبحت الإنسانية بذلك على التوالي معروفة المقاصد لا تعلق لها بشيءٍ مستقلة عن المسافة أو الزمن غير تابعة للكفاءات الطبيعة أو الكسبية من مثل رشاقة اليد وحدة البصر والسمع والذوق والشم ولا وقفاً على فئة خاصة من الناس بل تجري بدقة شديدة لا تتغير حركتها وأعني بها الآلة والأداة.
ولم تقتصر الإنسانية على الإستسلام لا حوال الزمان والمكان التي جعلت نمّو الأحياء الحيوانية والنباتية الطبيعي تحت تصرفها ولكنها انتجت الحأصلات التي أرادت إيجادها بأن ركبت تركيباً صناعياً من العناصر والقوى التي لها. ولم يقف الأمر عند حد صناعة دقيقة يوشك سرها أن يضيع بل أصبح ذلك من الاكتشافات التي لا نزاع فيها النافعة في علوم البشر على مر الأزمان كلها وبين ظهراني جماع الأمم.
وهكذا بلغ انتشار العلم والفنون العقلية في قدرة الإنسان وتسلطه على الطبيعة إلى التي لاتصدق ودخل القلب والإبدال على أسلوب العلم بأسره وتنأول فهم أسرار الحياة والعالم. كنا نقول بأن الإنسان شعر في القرون الوسطى بأنه مستقل بالذات بعد أن كان خاضعاً في