للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جميع أطوار حياته المادية والروحية لله أو لتعاليم الكنيسة حل تام لا جدال فيه لجميع المسائل العويصة في مسائل ما وراءِ الطبيعة وهذا الحل أوحى به المولى بالذات فكان على ابن تلك القرون أن يقبل ذلك بدون نظر أو مما حكة فيه. فقانون الأخلاق مفروض عليه كانه أمر إلهي وما عليه إلا الخضوع له صاغراً. وكان النظام الإجتماعي مؤسساً على تعاليم قديمة له صفة نصف مقدسة فيخضع الإنسأن في جميع أعماله المهمة في حياته لأمر صادر من قوة وأرادة أسمى من قوته وأرادته لا يسعه معها إلا الخضوع المطلق والاستسلام التام.

بيد أن حالته هذه من الخضوع لسلطة خارجية هي التي تعدلت كلما أيقن المرءُ بقوته ولقد مضت القرون والنصرانية تأتي أبناء الغرب بقواعد تكون المادة وتشرح النشوء تأتي أبناء الغرب بقواعد تكون المادة وتشرح النشوء التاريخي وتأويل معنى الحياة وتسن السنن وتشرع الآداب. مضت قرون وكانوا يضعون الإيمان في رأس كل شيءٍ وكلما ازداد انتشار العلم العقلي والسلطة المنظمة التي يوليها هذا العلم تزداد ثقة المرء بنفسه فأصبح العلم من ثم خصماً للإيمان وراح العقل يعجب بما أوتيه من آيات الغلبة وكتب له من أسباب الفلج والنجح طامحاً إلى أن يحل محل الدين في كل ما له علاقة بالحياة البشرية وطامعاً أن ينزل المقام الأول من صحيفة أعمال الناس.

وما جاء القرن السابع عشر والثامن عشر حتى أدت الحركة العقلية إلى تأليف مبادئ واسعة وانتهت بإنشاء فلسفة ديكارت وسبينوزا ولايبنز وطفق العقل ينزل منزلة القاضي المسيطر على الحق وأخذ على نفسه إنشاء مذهب يجري عليه العالم وُعدَّته ما رزقه من نور المعرفة مستقلاً عن كل سلطة نازعاً من كل تقليد ووحي.

وفي أوائل العهد الحديث أعلن الفكر الألماني على روؤُس الملأ بلسان (كانت) و (فيختي) بالمبدأ العظيم في استقلال الأرادة فعكس العلاقة التي كانت مقبولة إلى ذلك العهد بين الدين والأخلاق. وكان اللاهوت الأدبي القديم يرى مبدأ الأخلاق في الأرادة الإلهية ويخضع الأرادة البشرية لأرادة الله وهذا ما رآه (كانت) أدباً مختلف القانون قائماً على مبدأ السلطة وقضى عليه بكل جهده حاكماً بأن الأرادة الخالصة المقررة خاصة بحدود العقل الصرّف تكون وحدها الفاعلة العاملة فيه بما تسنه لنفسها بنفسها من قانون تجعله مبدأ كل أدب