للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أهـ.

ولقد بقي من دروس الوعظ أو القصاصين كما كانوا يدعون قديماً أثر ضئيل في بعض البلاد الإسلامية ولكن ضررها يربو على نفعها لأن من يتولون أمرها في الأكثر قلما يدركون مبلغ أقوالهم وتأثيراتهم ومعظمهم ممن تزييوا قبل أن يتحصرموا فراحوا على قلة علمهم وعملهم يدعون إلى الخرافات في الأغلب يستسهلون الكلام في الزهد في الدنيا وذكر فضائل الأيام والمواسم وأكثر خطب الجمع من هذا القبيل أو هي أدهى وأمر. وأما الخاصة الحقيقيون في الأمة فقد اضطرتهم الفوضى في العلم والنظام إلى أن يقبعوا في بيوتهم ويكونوا أحلاسها واقتصروا اليوم في تعليم العامة على من يلوذون بهم من أهلهم وأصحابهم وجيرانهم والعشرة تعدي جراثيمها.

القيام على تعليم العامة عندنا ليس بالأمر الحديث كما هو في الغرب ولكن أصوله بليت بين أظهرنا ونمت أي نمو عندهم شأن الأمم الراقية والنازلة هذه يمسخ فيها كل شيء حتى جمال وجوه أهلها وتلك يرتقي فيها كل شيء حتى موبقاتها وشرورها. ولا نقصد بتعليم العامة أن نعلمهم ما يصدهم عما هم بسبيله من أمور المعاش ولكننا نقصد أن يعلموا كعامة أبناء اليابان القواعد الأساسية القليلة ليستحيل بعدها التلاعب بأهوائهم ويكونوا عوناً للخاصة في كل عمل نافع لا عثرة في سبيل كل مشروع ينهضون بلا سبب معقول ويسكنون كذلك.

نريد أن يعلم العامة القراءة والكتابة البسيطة ومبادئ التاريخ والجغرافيا والحساب والاقتصاد والصحة وتدبير المنزل وشيئاً من آداب الدين التي لا تعلو عن أفهامهم وعندما يشاركون الخاصة في الفهم إن لم يكن في معظم مسائل الوجود

ففي بعضها وهناك من الفائدة للخاصة ما لا ينكره عاقل ويكفي أنهم لا يعدون غرباء كأنهم من عالم أخر إذا نزلوا بين قوم في الأرياف والقرى والدساكر إذ يجدون فيها من يزيل عنهم موجبات الوحشة ويقدرهم قدرهم في الجملة. هذه الطبقة من العامة إذا كثرت في الشرق العربي مثلاً تكون حاله أحسن مما هي عليه بما لا يقاس ويقل تبرم المتعلمين النورين من عشرة الأميين العاميين ولاسيما في المدن الصغرى حيث لا عقل يفكر إلا في الأمور البسيطة من المعاش وقل من يشارك في الشؤون العامة.