للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مما يقنع به أخوه الفقير الحقير ولذلك يستهين بالأغذية التي تطيب بها نفس أخيه المتوحش فتعاف نفسه الحبوب وجذوع الأشجار والحشرات والديدان وكل ما يدب ويطير علماً منه بأن مثل هذا الغذاء لم يخلق له. على أن جودة التحضير قضت على الفرنسيس أن يتناولوا أفخاد الضفادع والحلزون. والإنكليز يتقززون من الفرنسيس مع أنهم لا يستنكفون من تناول فطير الغراب.

الفقير كالمتوحش عدو التجديد في كل ما له علاقة بغذائه يأبى تناوله أحسن طعام لم يعتده منذ طفولته. ولم ننس ما قاساه بارمانتيه في القرن الثامن عشر حتى صير البطاطا مألوفة بالاستعمال بين الناس. وقد مضت أعوام قبل أن يقبل الفقير باستعمال لحوم الخيل مع أنها مغذية جداً ولا نزال إلى الآن في جهاد حتى يألف الناس استعمال السمن النباتي المستخرج من الجوز الهندي على أن في استعماله اقتصاداً وهو سهل الهضم لذيذ الطعم يأبى العملة الاعتماد عليه وبعض أهل الطبقات الوسطى تقبل عليه.

نحن كالمتوحش نسرف في الطعام ويصعب تقدير كمية الطعام التي تلقى كل يوم في علبة الفضلات وليتنا نحسب الأرغفة البائتة التي تطرح طرح الزوائد وليت جمعيات الإحسان تتمكن من جمعها لتعمل بها ثريداً أو حساءً لألوف الفقراء. ولا يخلو واحد فينا من الإسراف في الطعام حتى الجند في ثكنهم فإنهم يلقون بفتات الخبز الأسمر. أما سائر الأطعمة فلا ينتفع بها لكثافتها على أن فيها ما لا يزدري به وينفع كل النفع. تملأ كل صباح في أسواق باريز عجلات الصوالات والفضلات بمواد يسهل استعمالها وذلك أن القوم يطرحون رؤوس الأسماك ولا سيما (الكابيلو) و (الكولين) ولو أخذت لصنع بها حساء لطيف.

وربما اعترض معترض فقال إن هذه الفضلات قليلة وإذا صارت تباع ترتفع أثمانها على أننا لو فرضنا أن رأس سمكة الكولين بيع بخمسة وعشرين سنتيماً وصرف في الرز والطماطم والبصل والبقدونس والصعتر والملح والثوم والنار فرنك يكفي الحساء المستخرج من هذه الصورة بفرنك واحد لإطعام ثمانية أشخاص.

نعمل سلاطة مقبلة بأوراق القضبارون (سفورجنة) وإن سفير (الأوراق الذابلة) الفجل إذا استعملت كما يستعمل السبانخ تطيب وتلذ وإن الجزء الأخضر من الكراث الذي يطرح في