العادة يمكن الانتفاع به في الحساء حتى أن الأوراق الخارجية وبقايا (قرمية) الملفوف تحتوي على مواد مغذية. نعم إن الناس يخشون من أليافها الصلبة ولكن إذا أجيد طبخها وأطيل الإطالة اللازمة وسحق سحقاً كافياً لا يخشى منها. والناس يلقون أيضاً فضلات رؤوس البقر على حين تستخدم في زيادة طعم حساء البقول ولكن العامل يصنع منها مرقاً بالخضر وهو لا يعرف إلا المرق المطبوخ بالبقول الناشفة المقسمة أحسن تقسيم ويأبى إباؤه أن يغتذي بمثل هذه الفضلات.
وهناك بعض المواد يمكن الانتفاع بها في الغذاء على شرط أن تحضر تحضيراً خاصاً ولطالما بحث الباحثون من أجل الانتفاع بالألياف العظمية فإن الكلب يأكلها جيداً وإذا لم يستطع الإنسان أن يجري على مثاله فذلك لأن ماضغيه وأحشاؤه ضعيفة. ولقد حاول كثيرون منذ قرون أن ينتفعوا بالعظام أو بالهلام (الجلاتين) المستخرج منها ليطعمها الفقير واستعملت طريقة الكيماوي (أبرت) في استخراج الهلام من العظام لحفظ المأكولات ولكن الجلاتين أقل تغذية مما كان يذهب إليه الناس من قبل فهو يزيد الحرارة في الجسم ولكنه لا يقوى على تقوية أنسجتنا ولا تجد فيه خاصية اللحم والألبومنيد وإذا تغذى الكلب بالجلاتين خاصة يموت لساعته.
جمود الفقراء وغيرهم على أحسية واحدة
يقول علماء الاقتصاد حيثما يخرج رغيف يولد إنسان. يريدون بذلك أن سكان كل بلد على نسبة غناها في غذائها وإذا كان الجمهور يزهدون في جميع هذه المواد النافعة في التغذية التي تكثر سواد الناس أما في طاقة دور الإحسان أن تستخدمها وتحسن استعمالها كانت العقيلة روبرت أول من فكر سنة ١٨٤٠ في تحضير وجبة طعام لفقراء باريز لقاء أربعة فلوس وطعامها مؤلف من حساء بالملفوف وقطعة من الثريد والخبز وقدح من الحمر. ثم كان عقيب ذلك أن صار يقد حساء بلا مقابل للفقراء وكان بريبان أول رجل من أصحاب مطاعم الفقراء أخذ يوزع الطعام على المساكين. ومع ما دخل هذه المطاعم من الأدوات التي تهيئ الأطعمة أسرع من ذي قبل وعلى صورة أحسن مثل أدوات القطع والفرم والسحق فإن هذه المطاعم لم ترتق الارتقاء المطلوب وأمثال هذه الأدوات تستخدم للانتفاع بالمواد التي تطرح ولا تستعمل بالنظر لصلابتها وذلك بأن تحيلها إلى ثريد يسهل تشبيهه