ليست الحكومات وحدها هي التي تبوء بتبعة إكثار الضرائب على الناس كما قال فرنكلين بل هناك ضرائب كثيرة وضعناها بأنفسنا على عواتقنا وذلك إن كسلنا يتقاضانا مما يعادل تلك الضرائب وشراهتنا تسلبنا ضعفي ذلك وعُجبنا ثلاثة أضعافه.
وهناك سلسلة من سلاسل المصائب الإنسانية هي هي سبب البلاء واللأواء وأعني بها الخصومات وضروب القسوة وسوء معاملة النساء والأولاد والأمراض التي تنجم عن الخصومات وقلة العفة وضعف البصر ورجفان اليد وأعمال تؤدي بفاعلها إلى الجنون وتضعف الجنس وتورث الأبناء بجهل الآباء أمراضاً يجنيها عليها آباؤهم. ولا تنس أن تذكر في تلك السلسلة نهب الوقت والمال وصرفهما في الملاذ والبذخ والإسراف وما يصرف في الحفلات والأعياد مما جمع بعرق القربة وإنهاك القوى وكذلك ما يجري في سباق الخيل فإن أدعى قوم بأن السباق نافع للجياد فهو ولا جرم غير نافع للناس.
وسواء كان المرء بيده شقاؤه أم لم يكن وهو به جدير أم لم يكن فينبغي النظر إلى الأصل فيه فإن من الناس من يقولون بأن للأقدار أيضاً يداً في الشقاء وإسعاد السعيد وذلك لأن العوارض والأمراض والمصائب هي التي تحمل على البيوت فتخربها وتعبث بالنفوس فتشقيها. أما أنا فأقول أن معظمها صادر عنا ونتيجة لازمة لسيئاتنا نحن لا نحسن تناول الغذاء وجعل نسبة بين طبيعة الأغذية اللازمة للقوة العضلية والعصبية والدماغية وبين كميتها. نحن لا نحسن لبس الثياب ولا نجيد التصرف ولا نُعنى بأمور الصحة والنظافة المطلوبة واستجادة الهواء والمسكن الذي يقينا التعرض لضروب الأدواء نحن وعيالنا. لا نحسن انتخاب دور نسكنها وأهلنا بحيث تضمن لنا الهواء النقي والتعرض المطلوب للنور الذي يلقي الحياة. ولا تحفل بالأسباب المختلفة اللازمة للرفاهية كل حين وبدونها تهزل الحياة ولا تنمو ويصبح المرء عرضة للأمراض على اختلاف أنواعها كالحميات الطفحية والرمد والخناق والسل. ومتى دققنا النظر في الشؤون وأعملنا العناية معملها نجد أننا لو أحسنا العناية والحذر والعلم لكنا نجونا من تلك السيئات والنزلات.
بقي هناك شيء لا ينبغي لنا أن نغلو فيه لأنه قليل وأعني به المصائب التي لا ضامن من الوقوع فيها كالأمراض التي تصيب أعقل العقلاء وأكبر أرباب الانتباه. هناك الموت الذي