في تمازج العنصر اليوناني بالعناصر اللاتينية واللغة اللاتينية. فالتقاليد العسكرية والقضائية والإدارية فقط بقيت زمناً قصيراً بحالها أما الصلات المتصلة التي كانت لمملكة الروم بيزانس مع المملكة الفارسية فقد كان منها أن بدلت الصنائع بتأثيرات آسياوية وتقدمت فيها تقدماً هائلاً حتى أن الألبيسة وتزيين الأبنية الداخلي وقصور الأباطرة وأدوات تنعمهم وبذخهم كلها لم يكن فيها شيء يشير إلى أنه روماني.
سلمت عهدة مصانع ومعاهد من أوائل الهندسة الإسلامية وأعجبها المسجد الأقصى في القدس وإن شئت فقل قبة الصخرة إذا أردت أن تسميها باسمها الحقيقي. وليس هذا المسجد في الواقع جامعاً لأن هذا النوع من الأبنية معروف بما يماثله مثل مسجد عمرو بن العاص في القاهرة الذي أنشأ سنة ٦٤٢م وهو عبارة عن حائط له عدة محاريب لضبط سمت القبلة التي توجه إليها الوجوه للصلاة. وكانت القبلة إلى القدس أولاً فأصبحت منذ ألف وثلاثمائة وخمس وعشرين عاماً إلى مكة ثم هناك صفوف من الأعمدة ومكان مربع مكشوف وفي وسطه صهريج ماء للوضوء. وعلى العكس من قبة الصخرة كان يستفاد من اسمها على ما هو المعروف فإنها تشغل فسحة المعبد. وهذا الشكل وطني جعل على رسم كنيسة العذراء في إنطاكية في شكل بيت مدور ذي قباب وعده المسعودي المؤرخ من أعاجيب الدنيا. ويوجد من هذا الشكل أيضاً في أواسط سورية وحوران وآسيا الصغرى وقد أنشئ هذا البناء على عهد الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي سنة ٦٨٤ ولما رمم بعضه الوليد سنة ٧٠٧ جعل من خارجه الفسيفساء صنعها له صناع يونان بعث بهم إليه إمبراطور القسطنطينية. وعلى عهد السلطان سليمان القانوني استعيض عن أحجار الفسيفساء بكاشاني محلى بالمينا. فالقبة والحالة هذه هي صوان أو وعاء مقدس للصخرة والمسجد الحقيقي هو الذي يشرف على حوائط المكان في الجنوب ويدعى بالمسجد الأقصى وقد أشير إليه في القرآن والمراد به معبد سليمان.
بُنيت المساجد في المغرب على مثال جامع عمرو فجامع الزيتونة في تونس المؤسس سنة ٧٣٢ مؤلف من أفنية موازية لحائط المحراب وفناء (صحن) أوسط كبير وصفوف من العمد مؤلفة من مواد قديمة أو بيزنطية جاءت من قرطاجنة الرومانية وأنشئ المسجد الأعظم في قرطبة سنة ٧٨٥ على ذاك المثال ولكن زينته تختلف عن غيره من المساجد