ومن ذلك العهد إلى قرب دخول الدولة العثمانية في مصر كان النصارى واليهود والصابئة يكنون بأبي علي وأبي الحسن وأبي الفضل وأبي النجم وأبي الخير وأبي الفرج وأبي الكرم وأبي البقا وأبي بشر وأبي الحسين وأبي الفضل وأبي العلاء وأبي المكارم وأبي النصر وأبي الفتح وأبي المنا وأبي الحجاج وأبي العشائر وأبي المجد وأبي المعالي وأبي البركات وأبي الفخر وأبي الرجاء ويتلقبون بموفق الدين وجمال الكفاة وصنيعة الخلافة وعماد الرؤساء وأمين الملك وصنيعة الملك وسيف الدولة وشمسي الرياسة وركن الدين وكريم الدين وفخر الدين وشرف الدين وأوحد الدين وأمين الدولة وفخر الدولة وغرس النعمة ويتسمون بالحسن والحسين والعباس والفضل وعلي.
ونحو ذلك من عنوانات الشرف التي نظن نحن وأنتم أنها وقف على المسلمين على أنها أسماء لرجال ورد تاريخهم في عيون الأنباء وفي طبقات الحكماء وفي مختصر الدول وفي الكامل والمقريزي وغيرها من المؤلفات المعتبرة.
ومن ألطف ما يدل على دلال أهل الفضل في تلك الدولة ولو كانوا من غير الملة أن المهدي العباسي هم بالخروج إلى ماسبذان (من إقليم الجبل بفارس) فتقدم إلى حسنة حظيته أن تخرج معه. فأرسلت إلى رئيس المنجمين وهو توفيل بن توما النصراني الماروني قائلة له: أنك أشرت على أمير المؤمنين بهذا السفر فجشمتنا سفراً لم يكن في الحساب فعجل الله موتك وأراحنا منك. فقال للجارية التي أتته بالرسالة: ارجعي إليها وقولي لها أن هذه الإشارة ليست مني. وأما دعاؤك عليَّ بتعجيل الموت فهذا شيء قد قضى الله به وموتي سريع فلا تتوهمي أن دعوتك استجيبت. ولكن أعدي لنفسك تراباً كثيراً فإذا أنا مت فاجعليه على رأسك. فما زالت متوقعة تأويل قوله منذ توفي حتى توفي المهدي بعده بعشرين يوماً. وتوفيل الرهاوي هذا هو الذي نقل كتابي أوميروس الشاعر على فتح مدينة أيليون (تروادة) في قديم الدهر من اليونانية إلى السريانية بغاية ما يكون من الفصاحة وقد نقل العلامة سليمان البستاني أحدهما في أيامنا هذه إلى اللغة العربية فجاء آية في بابه.
ولما جاء زمن الرشيد كان من أطبائه يوحنا بن ماسويه السرياني وخدم ابنه المأمون إلى أيام المتوكل وكان معظماً ببغداد جليل القدر وكان يعقد مجلساً للنظر ويجري فيه من كل