للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نوع من العلوم القديمة بأحسن عبارة وكان يدرس ويجتمع إليه تلاميذ كثيرون.

وكان فيه دعابة شديدة يحضره من يحضره لأجلها في الأكثر. وكان من ضيق الصدر وشدة الحدة بحيث تصدر عنه ألفاظ مضحكة شكا إليه رجل علة فأشار عليه بالفصد فقال لم أعتده فقال يوحنا: ولا أحسبك اعتدت العلة في بطن أمك. وصار إليه قسيسه وقال: قد فسدت معدتي عليّ فقال له استعمل جوارش الخوزي فقال له: قد فعلت، فقال: فاستعمل الكموني قال: استعملت منه أرطالاً. فأمره باستعمال البنداذسقون فقال: قد شربت منه جرة. قال: استعمل المروسيا فقال: قد فعلت وأكثرت فغضب يوحنا وقال له: يا أبانا يا قسيس إن أردت أن تبرأ فادخل في دين الإسلام فإنه يصلح المعدة.

وفي أيام المأمون وهي الأيام البيض التي يفتخر بها الإسلام كان الحكماء والعلماء وكلهم مقربون لديه ولا يفرق بين أحد وآخر بسبب دين أو مذهب. والإفاضة في هذا الموضوع تطول ولكنني أقتصر على أمر واحد يدل على عداوة أهل الفن. فقد كان في زمنه من الأطباء سهل بن سابور فارسي نصراني في لسانه لكنة خوزية وكان إذا اجتمع مع يوحنا بن ماسوية وجيورجيوس بن يختيشوع وعيسى بن الحكم وزكريا الطيفوري قصر عنهم في العبارة ولم يقصر في العلاج. ولكنه كان يأخذ بثاره بطريق الدعابات فمن ذلك أنه تمارض وأحضر شهوداً يشهدهم على وصيته وكتب كتاباً أثبت فيه أولاده وجعل أولهم جيورجيس بن يختيشوع والثاني يوحنا بن ماسوية. وأرجو إعفائي من السبب الذي انتحله لذلك فعرض لجيورجيس زمع من الغيظ وكان كثير الالتفات فقال سهل: صري وهك المسيه أخرؤا قي أذنه آيه خرسي أراد ابالعجمة التي فيه: صرع وحق المسيح اقرؤا في أذنه آية الكرسي. ومن دعاباته أنه خرج يوم الشعانين يريد المواضع التي تخرج إليها النصارى فرأى يوحنا بن ماسويه في هيئة أحسن من هيئته فحسده على ذلك فصار إلى صاحب مسلحة الناحية أي القره قول وقال له إن ابني يعقني وإن أنت ضربته عشرين درة موجعة أعطيتك عشرين ديناراً ثم أخرجها فدفعها إلى من وثق به صاحب المسلحة. ثم اعتزل ناحية إلى أن بلغ يوحنا الموضع الذي هو فيه فقدمه إلى صاحب المسلحة وقال: هذا ابني يعقني ويستخف بي فجحد أن يكون ابنه وقال يهذي هذا. قال سهل انظر يا سيدي فغضب صاحب المسلحة ورمى يوحنا من دابته وضربه عشرين مقرعة ضرباً موجعاً مبرحاً.