مات ريشيلو وخلفه في الرئاسة سيكيوه من أصحاب السلطان وأخذ المجمع العلمي صورة من صور ديوان رسمي ثم أخذوا بعد حين ينشرون محضر جلساته واصطلحوا على أن يلقي كل منتخب من زمرة أعضائه خطاباً. وفي سنة ١٧٠٢ قرر المجمع قبول النساء العالمات فيه. وفي رواية أن النساء كن يقبلن في مجمع التصوير والنقش الملوكي في باريز بصفتهن أعضاء منذ عهد بعيد ولكن لا يقبلن في المجمع العلمي الأدبي أكثر من غيره. ولطالما كافأ هذا المجمع النساء على ما جادت به قرائحهن من الكتب والرسائل ولم يفكر في إيجاد بعض كراسي لهن يجلسن عليها وكان النساء في مجمع التصوير والنقش وما زلن ممتعات بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال.
وكان العقلاء يشتكون في بعض الأحايين من دخول بعض الأعضاء في المجمع العلمي بالشفاعة والوساطة لعظم أقدارهم ولكن كانت الأكثرية في الغالب لأرباب العلم النافعين ممن امتازوا بشيء أو كتبوا آثار نافعة ولم يحرم من الدخول في هذا المجمع من رجال العلم إلا أفراد قلائل امتنعوا هم عن الدخول أو كان المانع من دخولهم سبباً ظاهراً.
نفع المجمع العلمي اللغة الفرنسوية بقاموسه فكانت أقواله محترمة معمولاً بها من الأمة ولطالما أسف الإنكليز والألمان أنفسهم على عدم توفقهم لإيجاد مثل هذا المجمع فكانت لغتاهم لعدم المسيطرين عليهما مادة رخوة قابلة لكل تغير يتصرف فيها على ما يشاء.
وعلى ما يشتغل به المجمع من تنقيح اللغة وتهذيبها ينظر في المصنفات التي تعرض عليه ويكافئ عليها المحسنين بالجوائز. وله الآن ثلاث وعشرون جائزة يعطيها كل سنة. منها سبع عشرة جائزة أدبية وما عداها جوائز سموها جوائز الفضيلة.
أما مجمع الآثار الفرنسوي فقد أنشء سنة ١٦٦٣ من أربعة أعضاء من أهل المجمع العلمي السالف ذكره وجعل أعماله النظر في حل الآثار والشعار والأيقونات وأن تجعل للعاديات القديمة بساطة وذوق تعظيم بها قيمتها الحقيقية وفي سنة ١٧٠١ نظم قانون ذاك المجمع مؤلفاً من أربعين عضواً يقسمون إلى أربع طبقات. ويجتمع هذا المجمع مرتين في الأسبوع وأهم عمله البحث في الآثار الفرنسوية والتاريخ الفرنسوي كما يعنى بالآثار الشرقية والغربية كالأشورية والبابلية والسامية والمصرية وغيرها وفيه فحول من الأعضاء المخصين في كل علم من هذه العلوم وهو يعطي جوائز كسائر الأكاديميات الفرنسوية