للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهولستاين ليستا من تراب ألمانيا هم في الحقيقة معتوهون مفتونون. ولم يدخل مومسن في السياسة خلال سنة ١٨٤٨ وهو وإن لم يحضر بصفة عضو رسمي في مؤتمر فرانكفورت فقد كان من أدهش المحامين عن حقوق الأفراد في ذلك الحين. فقد دافع أشهراً عن قواعد السياسة الحرة وانقطع هو ورفيقان له في مدينة زوريخ من أعمال سويسرا عندما نحي عن منصب تدريس حقوق رومية وكان أستاذاً له في كلية ليبسيك عام ١٨٥١ ولم يعتم أن أعيد كرسي التعليم ثمة وأصبح يشتغل بتدريس ذلك الدرس نفسه زهاء سنتين. وفي عام ١٨٥٤ غادر سويسرا بدعوة من حزمة بروسيا إلى كلية برسلو. وكان يرجو دائماًُ تقدم شبان هذه المملكة ولطالما قال: إن حياة بروسيا تتوقف كل التوقف على سلوكها سبيل التقدم الذي مهده لها فريديك الكبير.

هذا وإن بين مومسن وبين أبناء صناعته فرقاً بعيداً وذلك أنه ظل صادقاً مستقيماً حتى نهاية زهو شبابه ولم يكن ليحفل مثلهم بفخفخة ما أتاه من إمارات النصر ولا عظمة ما ناله من بوارق التوفيق.

كان بدء احتفاظ مومسن بأفكاره على ما شوهد أشد الاحتفاظ بين سنة ١٨٦٦ و١٨٧٠ الأمر الذي كان يتطلبه هو أن تكون ألمانيا عظيماً سلطانها منيعاً جانبها تضيء بأشعتها العلمية العالم المتمدن بأسره. ومما حكاه: إن تلك الشؤون السياسية قد شغلت حتى علماء المملكة سنين كثيرة. وهذا وإن كان يستند على أسباب معقولة مشروعة غير أنه حان زمن الإقدام والرجوع إلى الأعمال بعد ما تبينت نتيجة كل شيء. . . وكان يقول: من الواجب معالجة ينابيع قوى ألمانيا بالقوة وتوسيع نطاق علوم الألمان وكشف غطائها بالعمل. ولطالما حقر مومسن أولئك المتعصبين الذين كانوا يناهضون الموسويين بأبلغ ما يمكن تصوره من عبارات التحقير عاداً أنواع المبارزات الجنسية والدينية من رجوع القهقرى لأظلم أيام القرون الوسطى وأشدها أسى وبؤساً. فمن ثم ندد ببعض ضعاف الفكر من حسدة حزب الوطنيين مبيناً بطلان دعاوي تلك الفئة الواهية الواهنة ممن ادعوا بأن الموسويين عقبة كؤد في سبيل تكوين أمة قوية المنعة مصونة الحمى ويبين بمستندات تاريخية جمة أنهم مستعدون لكل ضروب التقدم والارتقاء وأنهم على العكس مما يظنون وانتقد سياسة بسمرك انتقاداً شديداً فحاكمه الوزير إلى المحاكم فحكمت ببراءة ساحته وكان عضواً في