للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويعدو الشقاء فيبدي نواجذه.

وما المسألة في الحقيقة متوقفة على توزيع الأموال بين الناس بل أن المسألة آتية من عدم كفاية ما تنتج الأرض من الضرورات ولو غلت ما يسد عوز الناس لما عادت الغلات تساوي شيئاً بل تصبح إذ ذاك كالماء في الأنهار والحصا في شواطئ البحار. وعلى ذلك فالواجب أن نحسب ما ينبغي لنا من بر وأرز ولحم وقطن وغير ذلك لنضع ميزانية مدققة لموارد البشر وهذا لا يتيسر الآن في دور الفوضى والطفولة الذي نحن فيه. ويؤخذ من أحدث الإحصائيات أن على الحنطة سنة ١٩٠٧ بلغت ١٠٨٦ مليون هكتو لتر موزونها ٨٧ مليار كيلو وإذا فرضنا أن في كل هيكتو لتر ٨٠ غراماً فلو فرضنا كل إنسان يحتاج لغذائه إلى مائتي كيلو في السنة لاقتضى لنا ثلاثمائة مليار كيلو في السنة. وبهذا ترى أن على الحنطة أقل مما يلزم بثلاثة أضعاف. ولعلك تقول أن بعض الشعوب تتغذى بالجاودار والذرة والأرز والمانيوك (شجيرة في أميركا يستخرج من جذعها دقيق مغذ) والموز وغيره ولكن تلك الشعوب لو تيسرت لها الحنطة ما اتخذت عنها بديلاًُ ولو اعتبرنا شعوب أوروبا وأميركا وحدها وهم نحو ستمائة مليون نسمة لاقتضى لهم على هذا المعدل ١٢٠ مليار كيلو مع أن محصول الحنطة في العالم ٨٧.

وهكذا في سائر لوازم الحياة فالسكر مثلاًُ لا يحصل منه إلا على نحو ١٢ مليون كيلو في السنة ويقتضي ٥٠ كيلوغراماًَ في السنة لكل إنسان تمكنه حالته من استعماله أي أنه يقتضي للبشر ٧٥ مليار كيلو منها لأوروبا وحدها ٣٠ ملياراً. فما لدينا من السكر لا يكفي سدس البشر إذا حسبنا مجموعهم وإذا حسبنا أهل أوروبا فعندهم ثلث ما يلزمهم منه.

ثم أن محصول القطن في العالم أربعة مليارات كيلو فتجد من مليار وخمسمائة مليون نسمة وهم سكان الأرض خمسمائة مليون مكتسون كسوة تامة و٧٥ مليوناً نصف كسوة و٢٥٠ مليوناً عراة بالمرة. ولكي نكسو البشر عامة يقتضي تسعة مليارات وخمسمائة مليون كيلو من القطن. ومتى تأملنا أن القطن لا يستعمل فقط في الثياب بل أنه يدخل في ألف صنف من الحاجيات المنزلية والصناعية يسوغ لنا أن نحكم بأن محصوله غير كاف وربما لا يبلغ ثلث ما ينبغي لنا منه. وهكذا لو نظرت في جميع المواد اللازمة لجاء الحساب بمثل هذه النتيجة.