وتدل الإحصاآت أن ٤٠١ من كل ألف ألماني يربح الفرد منهم ٢٤٦ فرنكاً في السنة و٥٣٨ يربحون ٣٤٥ و٤٨ يربحون ١١٢٠ و١٣ يربحون زهاء ٣٤٧٦ و٩٣ في المئة من النمساويين يربحون أقل من ١٢٦٦ فرنكاً في السنة. ويبلغ معدل ميزانية الأسرة الموسع عليها في رزقها ١١٥٠ فرنكاً في السنة هذا ووربا بالنسبة لسائر الكرة تعد غنية فقد حسبوا دخل الهندي فكان سبعة سنتيمات في اليوم على حين يحتاج إلى مائتي فرنك لمعاشة في السنة على أقل تعديل وهو لا يربح فيها إلا ٢٣ والحال في الصين أتعس وأنحس فلو عدلنا بين ثروة الفرد في البلاد الغنية كالولايات المتحدة مثلاً والبلاد الفقيرة كالصين والهند لا يصيب الأسرة أكثر من ألف فرنك وهذا القدر على قلته في عصر مثل هذا العصر يصعب نيله ولو كان لكل أسرة ألف فرنك في السنة وهو بعيد الحصول لما ساغ لها أن تأكل ما يغذيها فقط دع عنك بقية لوازم الحياة.
وقد انتهت بنا الحال أن صرنا نعد الهواء في هذا العصر إذا كان مباحاً من النعم وكذلك الماء بعد أن أصبح ١٢ مليون كيلومتر مربع من أصل ثلاثة وثمانين مليوناً محرومة في أوروبا من الهواء وأصبحت تباع زجاجة الماء القراح في كولكاردي في أستراليا الغربية في أول أيام تعدين مناجم الذهب بسبعين سنتيماً وأصبح الماء العذب في باكو على ضفاف بحر الخزر مما يفاخر به ويعد من دواعي الرفاهية. وليست الإنسانية سعيدة بمساكنها أيضاً فالروسي يسكن في كوخ مغطى بالقش أضيق من أفحوص القطا ولو اقتضى له أن يبدل هذا المسكن بمسكن مغطى بالقرميد مصنوعاً بالحديد لوجب على روسيا صرف ستة عشر ملياراً من الفرنكات وهذا لا يتيسر إلا بعد أن تمر الأجيال أثر الأجيال.
وبعد فليس الشقاء حادثاً منن قلة موارد الأرض ولو كان كذلك لما تطالت نفوسنا إلى الخلاص منه وكان علينا كالموت قدراً مقدوراً ولكن الأرض إذا أحسن استخدامها تعطينا عشرة أضعاف ما تعطينا الآن ويعيش الناس في بلهنية وسعادة فإن موارد هذه الكرة لا حد لها إذا عملنا لها عملها كما قال لي اليزة ركلوس الجغرافي الفرنسوي الكبير. فلو أتقنت الطرق الزراعية باستعمال الأسمدة الكيماوية وتطبيق الزراعة على العلم أي بسقيا الأراضي الجافة المياه وتجفيف الأراضي المغمورة بها لأتت الأرض من الغلات والثمرات ما تعد معه غلات اليوم وثمراته مضحكة من حيث كمياتها. هذا وفي الأرض منابع للثروة