للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن معنى مطالبة الحكومة أن تعمل كل شيء أو مطالبتها بمعظم شؤون الأمة هو تعويد الأمة على أن لا تعلم لنفسها بنفسها شيئاً أو أنها تعمل التافه والحقير من الأعمال ولا يجب أن تدخل الحكومة إلا حيث يضعف عمل القوة الفردية ويخفق اتحاد الشركات.

الحكومة إذا نافست الأفراد توشك أن تنزع منهم الهمة وتضعف فيهم الجهاد وإذا تولت إدارة مثل هذه الدور تنتهي بأن تعين لها عمالاً كثيرين من لدنها على أن كثرة الموظفين هي اليوم الضربة القاضية على الأمم كانتشار المشروبات الروحية وربما كانت من مفاسد عصرنا وأمراضه الوبيلة وفيها الخطر كل الخطر علينا. الكحول سم الإرادة والاحترام الشخصي والتوظيف كما هو الآن عندنا لا يقل عنها ضرراً. وما التوظيف في الحكومة لقاء رواتب تدفعها لموظفيها إلا صورة من صور الرق والعبودية القديمة في مظهر جديد يضطر فيه صاحبه أن يطلق حرية روحه وفكره على حين ترى الخدام ممتعين بها. ولقد نرى حكومات في الغرب كحكومة ألمانيا مثلاً فد انتبهت لهذا النقص فما أحبت أن تكثر من جيوش الموظفين كما هو الجاري في فرنسا وأن تنهك ميزانيتها بالملايين للإدرار عليهم بل خصصت ملايين في ميزانيتها لأعمال من مثل هذه مصبوغة بصبغة الديمقراطية والاشتراكية العملية. وأما إنكلترا فلحسن طالعها أن نفوذها في رعاياها قليل والقول الفصل فيها لهمة الأفراد.

وقد قررت دار الندوة الإنكليزية سنة ١٨٩٠ أن تمنح المجالس البلدية حق نزع ملكية البيوت القذرة وأن تمديد معونتها للشركات وتسلفها أموالاً في مقابلة رهن لإعادة تلك البيوت إلى حالة حسنة تجمع إلى النظافة الرخص ويعود الفقراء فيسكنوها فكان في ذلك من المنافع الصحية العامة ما ظهر أثره في وجوه السكان وصحتهم. ولا معنى لتساهل الحكومة وقلة عنايتها وهي المسيطرة على القانون أن تترك الناس وشأنهم إذا بلغت بهم الحال إلى هذه الدرجة من البؤس على أن هذا البحث كان موضوع المناقشة في المؤتمر الدولي سنة ١٩٠٠ وانقسمت الآراء فيما إذا كان يجب صرف أموال الضرائب في إقامة بيوت رخيصة كما يجري في لندن وبرمنغهام من بلاد الإنكليز وفي فريبورغ وأولم في ألمانيا وفي غوتسبورغ في السويد على يد المجالس البلدية إلا أن الرأي العام كان مناقضاً لهذه الاشتراكية.