نشر حافظ أفندي إبراهيم الشاعر الاجتماعي الكبير قصة نثرية رواها عن لسان سطيح الكاهن فجاء فيه كلام لطيف على العادات المصرية والأحوال الاجتماعية والسياسية في مصر والسودان صورها تصويراً بديعاً وأودعها من أفكاره ودرر نثاره ما رآه نافعاً وثميناً ومما ننتقده عليه اعتماده على التسجيع في بعض محال من كتابه بحيث كاد يخل بأسلوب البلاغة والفصاحة ولم يناسب العبارات المهذبة التي جاءت في عرضه. أما مرامي الكتاب فكانت أعم نفعاً لو خلت من الغلو في مدح أشخاص والإيغال في الحط من آخرين وكتاب بكتب لينفع الناس في اجتماعهم لا يصح أن يظهر فيه شيء من هذا القبيل. ومنتقدنا عليه من الألفاظ ما يقع مثله لأكثر كتابنا وشعرائنا مثل قوله التنكيت وهولم يرد في اللغة. وقوله كنتم منذ بضع سنين لا تجارون ستة آلاف عداً وعداً هذه ليست من التراكيب الفصيحة وقد وقعت في كلامه أربع مرات وهي من عبارات الجرائد واستعمل لفظة منتزه والضمائر والقواميس والتكتيك والظروف والنقط وحصل بها وجهاراً نهاراً وضحى مصلحة أمة وصوالح القوم وصوالحنا والصواب أن يقول متنزه والقلوب والمعاجم وعلم التعبية والمصافات والأحوال وكان يمكن الاستعاضة عن النقط في قوله نقط تنفيذ الحكم بتركيب آخر ومثلها حصل بها جهاراً نهاراً. وله أن يقول بدى ضحىة فادى بمصلحة أمة ومصالح القوم بدل صوالحهم. وهذه الخرزات لا تقدح في فضل هذا العقد النفيس. فالنقد لا يوجه إلا إلى الثمين والركاكة لا تعاب إلا في كلام أهل البيان والتبيين.
النظرات
أصدر مصطفى صادق أفندي الرافعي الشهير الجزء الأول من ديوان جديد له سماه النظرات أودعه مثالاً مما وعاه ديوانه المعروف بديوان الرافعي الذي كان أصدره في ثلاثة أجزاء ـ من ضروب الشعر في الاجتماع والرقائق والمديح والغزل والوصف وقدم له مقدمة في حقيقة الشعر لم يكرر فيها ما أودعه من معناها كل جزء من أجزاء ديوانه السابق. ومعظم قراء المقتبس يعرفون طبقة شعر الرافعي مما نشر له فيه. ومما انتقدناه عليه تسرعه في إخراج الشعر للناس حتى أن بعض أبياته يظهر فيها شيء من الغموض لا يكاد يهتدي إليه القارئ إلا بإعمال النظر كما أنا لا نستحسن إكثاره من الاستعارات