للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولايات وإسبانيا ولايتين. قال شيشرون أن الولايات أملاك الشعب الروماني فإذاً أخضع هذه الشعوب بأسرها فذلك طمعاً في فائدتها لا لأجل منفعتهم ولذلك لا يتوخى أن يدير تلك الولايات بل يحرص على استثمارها.

الولاة: يتخذ الشعب حاكماً لإدارة كل ولاية وهو إما أن يكون قنصلاً أو قاضياً خرج من الوظيفة فيطيل أمد سلطته وليس هذا الموظف الكبير قنصلاً بل هو وال ينوب عن القنصل.

وللوالي كما للقنصل سلطة مطلقة يسير فيها على هواه لأنه وحيد في ولايته وليس لديه حكام آخرون ينازعونه السلطة ولا محامون عن الطبقة الوسطى ليصدوه عما يريد ولا مجلس شيوخ يسيطر على أعماله فهو وحده يقود الجيوش ويحملهم على القتال وينزل بهم حيثما يشاء فيتخذ له مقاماً في محكمته حاكماً بالغرامة والسجن والموت ويصدر أوامر تكون قانوناً متبعاً وله وحده السلطة العالية لأنه فيه يتجسد الشعب الروماني.

وكان هذا الحاكم الذي لا يقاومه مقاوم مستبداً حقيقياً فيقبض على من يريد ويحبس ويضرب بالعصي ويعدم من لا تروقه حالتهم وإليك مثالاً من ألوف الأمثلة التي كان الحكام يجرون فيها مع الهوى كما رواه أحد الخطباء الرومان قال: جاء القنصل مؤخراً إلى تيانوم فخطر لامرأته أن تتلذذ بالاستحمام في حمامات الرجال فأخرج من الحمام الرجل الذين كانوا يستحمون فيه فشكت المرأة من إبطائهم وقلة استعداد الحمام فنصب القنصل عموداً في الساحة العامة وأحضر أشهر رجل في المدينة ليجعل عليه فجرد من ثيابه وضرب بالعصي.

والوالي يأخذ من ولايته ما يستطيع من المال وينظر إليها كأنها ملك له ولا تعوزه الوسائط لاستثمارها بل يمد يديه إلى خزائن المدن وينزع التماثيل والحلي الموضوعة في المعابد ويجبي من السكان الأغنياء أتاوات من المال أو البر. وإذا كان له الحق أن ينزل جنوده حيث أراد فالمدن تقدم له المال لتعفى من قبول جنوده وإذا كان فغي حل من أن يعدم كل من يترآءى له فالأفراد يعطونه المال ليأمنوا غائلته. وإذا طلب شيئاً نفيساً أو مبلغاً من المال يجاب في الحال إىل ما طلب ولا يجرأ امرؤ أن يأبى عليه طلبه. وأتباعه يسيرون على مثاله وينهبون باسمه بل بحمايته ويسرع الوالي في جمع المالي إذ الواجب عليه أن