للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يكن النزاع بين الشقيقين غراشيوس ومجلس الشيوخ إلا عبارة عن هرج في شوارع رومية ينتهي بفتنة تنشأ بين العصابات المسلحة على عجل أما الفتن التي حدثت بعد فكانت حروباً حقيقية بين جيوش منظمة وكان رؤساء الأحزاب من القواد.

الحروب المدنية: ليس الشعب الروماني سوى مجموعة فقراء لا عمل لهم وما الجيش إلا حفنة من المتشردين نزاع الآفاق فلا المجلس ولا الكتائب خاضعة لمجلس الشيوخ لأن الأشراف الفاسدين فقدوا كل سلطة أدبية فلم يبق ثمة سوى قوة حقيقية واحدة نعني بها الجيش ولم يبق سطوة إلا للقواد وقد أبى القواد أن يخضعوا فتعذر الحكم بواسطة مجلس الشيوخ حتى أصبح بيد القائد. وغدت الثورة لا مناص منها ولكنها لم تنشأ دفعة واحدة بل تخمرت زهاء مئة سنة وكان مجلس الشيوخ يقاوم وقد أمسى من الضعف بحيث لا يتيسر له أن يجري الأحكام بذاته على أنه ما زال على شيء من القوة تحول دون غيره من القبض على قياد الأمة والقواد يتنازعون بينهم فيمن يكون السيد المتحكم وهكذا قضى الرومانيون قرناً يتخبطون في الفتن والحروب المدنية.

ماريوس: كان أصل ماريوس القائد الأول الذي جعل جيشه تحت أمرة في رومية من أربينوم وهي مدينة جبلية صغيرة ولم يكن من سلالة شريفة واشتهر بأنه ضابط وانتخب محامياً عن العامة ثم قاضياً بمساعدة الأشراف له. ثم انقلب عليهم وانتخب قنصلاً وعهد إليه محاربة جوكورتا ملك النوميديين الذي بدد شمل عدة جيوش رومانية.

وعندها جند ماريوس جماعة من فقراء الوطنيين ممن أصبحت الخدمة العسكرية صناعتهم فتغلب ماريوس بجيشه على جوكورتا وأهلك الشعوب البربرية كالسمبريين والتوتون ممن أغاروا على غاليا وإيطاليا الشمالية. وإذا لم يكن للشعب ثقة من غيره لقيادة الجيش انتخبه قنصلاً ست مرات متولية خلافاً للقوانين المتبعة.

عاد إلى رومية بعد هذه الانتصارات فأصبح مطلق اليد في الحكومة وعندئذ تألف في تلك العاصمة حزبان دعيا أنفسهما باسم حزب الشعب (وهو حزب ماريوس) وحزب الأشراف (وهو حزب مجلس الشيوخ).

الحرب الاجتماعية: ارتكب أشياع ماريوس من الفظائع ما انتهى بتلويث شهرته بين الناس فاغتنم أحد الشراف من أسرة كورنيوليوس الكبيرة واسمه سيللا هذه الفرصة لينازعه