جريء النفس مقداماً لا يتطرق إلى قلبه وسواس وله أصدقاء كثيرون من أشراف الشبان المستهترين الفاسقين أخلصوا في حبه إذ كان يقضي معهم أوقات صفائه ويقرضهم مالاً ويهديهم خيولاً وكلباب صيد. وله من الأنصار قدماء أشياع سيللا وقدماء الجنود الذين أسكنهم سيللا في إيطاليا ممن باعوا أراضيهم وأخذوا يبحثون عن مورد يعيشون منه.
فاتفق كاتالينا مع جمهور من هؤلاء الساخطين على أن يذبحوا في آن واحد القنصلين يوم يذهبان معاً على معبد الكابتول فلم يفلحوا فيما دبروه لأن الخبر ترامى إلى القنصلين غلا أن كاتالينا احتفظ بأنصاره وظل يدس الدسائس وكان أعداء مجلس الشيوخ وربما قيصر أيضاً يعضدونه سراً فقدم نفسه لينتخب قنصلاً فكان خصمه في هذا الانتخاب شيشرون أشهر محام وأعظم خطباء الرومان وكان هذا توصل إلى ينتخب حاكماً لأن الأسرات الشريفة غدت منذ عهد ماريوس لا تسمح إلا بانتخاب أناس من الأشراف.
وساعد أشياع مجلس الشيوخ الخطيب شيشرون فجرى انتخابه وسقط كاتالينا إلا أن القنصل الآخر رصيف شيشرون وهو أنطونيوس كان ممالئاً سراً للحانقين، فدر كاتالينا مكيدة أخرى على أن يذبح أصحابه شيشرون وأعضاء مجلس الشيوخ في رومية ويحرقوها بينا يكون قدماء أجناد سيللا المقيمين في أتروريا زاحفين على رومية فبلغ الخبر شيشرون فلم يخرج إلا في كوكبة من الفرسان محدقة به إلا أنه لم يكن عنده جيش لقتال قدماء الأجناد الذين شرعوا يتجمعون ويتسلحون والعبيد الذين أخذوا يسلحونهم في كابو فقضى جزءاً من السنة التي تولى فيها القنصلية وهو في قلق مستمر.
وأخيراً رجع واليان يقودان جنوداً فشعر شيشرون بقوة تمكنه من الدفاع فاستدعى مجلس الشيوخ ليوافق على قيام القناصل بما فيه سلامة الجمهورية الرومانية وأن يعطي القناصل سلطة ليتخذوا عامة الأسباب التي يرونها مناسبة وأدخل الجند إلى رومية يرابطون في الساحات ودعا مجلس الشيوخ إلى الاجتماع ثانية وفي هذه الجلسة ألقى خطبته الأولى في مقاومة كاتالينا وسأله مشعراً إياه بما دبره من المكيدة التي افتضح أمرها وأنذره بالانصراف.
فغادر كاتالينا رومية وذهب للالتحاق بقدماء الأجناد المتمردين في أتروريا وظل أشياعه في المدينة فاتفقوا سراً مع وجود الألوبروج بأن يقدموا لهم فرساناً ثم غيروا آراءهم وأفشوا