وأمر أحد حكام آسيا ذات يوم بإلقاء القبض على بعض مسيحيين فجاء جميع منتصرة المدينة يتقدمون للمحكمة طالبين إليها محاكمتهم.
فاستشاط الوالي غضباً فقتل بعضهم وطر الآخرين قائلاً: ارجعوا أيها الأسافل إن كنتم تحرصون كثيراً على الموت فهل عندكم قبور تسعكم وحبال تقيدكم.
وكان بعض المسيحيين يدخلون المعابد ويقلبون فيها أصنام الأرباب ليكونوا على ثقة أنهم يشنقون حتى قضت الحال أن تمنع الكنيسة مرات تعرض النصارى لنيل الشهادة.
الدياميس ـ كان المسيحيون ينكرون العادة القديمة في إحراق الموتى فأخذوا يدفنون موتاهم كاليهود في نواويس بعد أن يكفنوهم في أكفان فاحتاجوا إلى قبور. وإذا كانت الأرض غالية الثمن جداً نزل المسيحيون إلى تحت الأرض وحفروا في الأرض الرخوة التي كانت رومية قائمة عليها دهاليز طويلة وغرف أرضية وهناك كان المسيحيون في مقاصير حفروها على طول الحواجز يدفنون موتاهم وإذا أخذ كل جيل يحتفر لنفسه دهاليز جديدة صارت مع الزمن مدينة أرضية سموها الدياميس. ومثل هذه الدياميس كان نابولي وميلان والإسكندرية إلا أن أشهرها كان في رومية. وقد فتحت في أيامنا فرأوا فيها ألوفاً من القبور والكتابات النصرانية وباكتشاف هذا العالم المدفون تحت الأرض نشأ فرع جديد من فروع العلوم التاريخية وهو علم الكتابات والآثار النصرانية. وقد شوهد أن قاعات المدافن في الدياميس منقوشة برسوم بسيطة وصور ولكنها تمثل مشاهد واحدة إلا قليلاً وهي أن تصور المؤمنين من المسيحيين في الصلاة أو الراعي الصالح وهو رمز للمسيح. وكانت بعض هذه القاعات أشبه بالمعابد وفيها دفنوا جثث القديسين الشهداء والمؤمنين الذين رغبوا في أن يدفنوا في جوارهم وكانوا يأتون كل سنة لتناول الأسرار. وكثيراً ما التجأ المسيحيون في رومية خلال اضطهادات القرن الثالث إلى هذه الكنائس الأرضية للقيام بصلواتهم أو للفرار من الطلب عليهم.
قسطنيطين
تغلب النصرانية ـ مضى القرنان الأولان للميلاد والمسيحيون ضعاف الشأن في الإمبراطورية الرومانية وجمهورهم من السوقة والعملة والعبيد المعتقين والعبيد ممن يضعون في غمار الناس بالمدن الكبرى وقد مضى زمن والطبقة العالية تنكر وجودهم حتى