شيء حتى كان منهم أن كانوا يقسمون الممالك ويوزعونها ويخلعون من الملوك من يشاؤن وكانوا كما قال أحمد شعيب بك حكام أوربا المطلقين (ديكتاتور).
غضب مرة الأب (هيلدي بران) على هنري الرابع وأصحابه فحرمهم جميعاً حتى اضطر الإمبراطور هو وزوجته إلى أن يقصدوه ليغفر لهم سيئاتهم فقطع جبال الألب في أيام الشتاء وقد ارتدى قميصاً أبيض أعد للمجرمين ووقف أمام القصر الذي كان جالساً في صدره ذلك الأب ثلاثة أيام وهو يرتجف من صبارة القر وأخيراً أذن له بالحضور فتمثل بين يديه وقبل قدميه وهكذا استطاع أن يظهر بمظهر العفو.
وإن أعمال رجال الكنيسة في محكمة التفتيش لا تكاد تمحى آثارها من صفحات الوجود فقد كان الغرض من إنشاء هذه المحكمة مقاومة العلم والفلسفة عندما خيف ظهورهما بسعي تلامذة ابن رشد وتلامذة تلامذته خصوصاً في جنوب فرنسا وإيطاليا. وفي مدة ثماني عشرة سنة من سنة ١٤٨١ ـ ١٤٩٩ حكمت على عشرة آلاف ومئتين وعشرين شخصاً بأن يحرقوا وهم أحياء فأحرقوا وعلى ستة آلاف وثمانمائة وستين بالشنق بعد التشهير فشهروا وشنقوا وعلى سبعة وتسعين ألفاً وثلاثة وعشرين شخصاً بعقوبات مختلفة فنفذت ثم أحرقت كل توراةٍ بالعربية.
وقد قرر مجمع لاتران سنة ١٥٠٣ أن يلعن كل من ينظر في فلسفة ابن رشد وطفق الدومينكان يتخذون من ابن رشد ولعنه من ينظر في كلامه شيئاً من الصناعة والعبادة. قال الأستاذ الشيخ محمد عبده: لكن ذلك لم يمنع الأمراء وطلاب العلوم من كل طبقة من تلمس الوسائل للوصول إلى شيءٍ من كتبه وتحلية العقول ببعض أفكاره ثم قال: وأوقعت هذه المحكمة المقدسة من الرعب في قلوب أهل أوربا ما خيل لكل من يلمع في ذهنه شيءٌ من نور الفكر إذا نظر حوله والتفت وراءه أن رسول الشؤم يتبعه وأن السلاسل والأغلال أسبق إلى عنقه ويديه من ورود الفكرة العلمية إليه.
هذا ولا تنس ما كان للحروب والثورات باديء بدء من التأثير السيء في الحركة العلمية في المدارس فالثورة الفرنساوية دعت إلى إلغاء دار الفنون الذي ظل يختلف إليها الطلبة منذ زمن مديد. وألغيت بالقرار المؤرخ في ١٠ آذار عام ١٧٩٤ كلية باريس وثلاث وعشرون جامعة في الولايات الأخرى وصودرت أوقافها وأملاكها وإن حروب التتار