على أجناسهن من الناس وأخذ لليهود الذمة بالتزام سمة تميزهم وإشارة تشهرهم وليوفى حقهم من المعاملة التي أمر بها الشرع في الخطاب. والطرق وهو شواش (جمع شاشية) أصفر. وذكر صاحب المعجب في سيرة أبي يوسف يعقوب بن يوسف ابن عبد المؤمن أنه أمر في آخر أيامه أن يتميز اليهود الذين بالمغرب بلباس يختصون به دون غيرهم وذلك ثياب كحلية وأكمام مفرطة السعة تصل إلى قريب من أقدامهم وبدلاً من العمائم كلوتات على أشنع صورة كأنها البراديع تبلغ إلى تحت آذانهم فشاع هذا الزيّ في جميع يهود المغرب ولم يزالوا كذلك بقية أيامه وصدراً من أيام ابنه عبج الله إلى أن غيره أبو عبد الله بعد أن توسلوا إليه بكل وسيلة واستشفعوا بكل من يظنون أن شفاعته تنفعهم فأمرهم أبو عبد الله بلبسان ثياب صفر وعمائم صفر فهم على هذا الزي إلى وقتنا هذا وهو سنة ٦٢١ وإنما حمل أبا يوسف على ما صنعه من أفرادهم بهذا الزي وتمييزه إياهم به شكه في إسلامهم وكان يقول لو صح عندي إسلامهم لتركتهم يختلطون بالمسلمين في أنكحتهم وسائر أمورهم ولو صح عندي كفرهم لقتلت رجالهم وسبيت ذراريهم وجعلت أموالهم فيئاً للمسلمين ولكني متردد في أمرهم ولم تنعقد عندنا ذمة ليهودي ولا نصراني منذ قام أمر المصامدة ولا في جميع بلاد المسلمين بالمغرب بيعة ولا كنيسة إنما اليهود عندنا يظهرون الإسلام ويصلون في المساجد ويقرون أولادهم القرآن جارين على ملتنا وسنتنا والله أعلم بما تكنه صدورهم وتحويه بيوتهم اهـ.
وقال ابن أبي أصيبعة: حدثني الشيخ موفق الدين البوري الكتاب النصراني قال لما فتح الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب الكرك أتى إلى دمشق الحكيم موفق الدين يعقوب بن سقلاب النصراني وهو شاب على رأسه كوفية وتخفية صغيرة وهو لابس جوخة ملوطة زرقاء زي أطباء الفرنج وقصد الحكيم موفق الدين بن المطران وصار يخدمه ويتردد إليه لعله ينفعه فقال له هذا الزي الذي أنت عليه ما يمشي لك به حال في الطب في هذه الدولة بين المسلمين وإنما المصلحة أن تغير زيك وتلبس عادة الأطباء في بلادنا ثم أخرج له جبة واسعة عنابية وبقياراً مكحلاً وأمره أن يلبسهما.
قال ياقوت في معجم الأدباء في ترجمة أسعد بن المهذب ما يأتي: كان المهذب أبوه المعروف بالخطير مرتباً على ديوان الإقطاعات وهو على دين النصرانية فلما علم أسد