متباينة مذهباً متباعدة سياسة ومشرباً كل طائفة تجادل عن نفسها وتدعو إلى كتابها ولو أدى ذلك إلى تكفير الأخرى فخرج الدين عن حضارة أهله وتحول عن بساطته واتسع الخرق وانحلت الرابطة الإسلامية بل والقومية وفشت المنكرات وانطمست معالم السنن وتحكم التقليد لأنه أثر من آثار التشيع بل ركن من أركانه.
التقليد
التقليد وما أدراك ما التقليد التقليد هو قيد الأحرار وسجن العقول وهادم الأفكار وعدو الشرائع ومبيد الأمم وجيش الاستعباد.
كان الإسلام ملة سمحاء ليلها كنهارها واضحة المسالك معروفة الواجبات سهلاة المأخذ يتلقفها الأعرابي الجافي من فم الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يبرح من مجلسه إلا وقد خالطته بشاشة الإسلام وأشرب في قلبه التوحيد كما قال تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه.
عجباً كيف يرضى المسلم العاقل أن يغل أعز شيءٍ وهبه الله وهو العقل بغل التقليد والاستسلام ويلقي بنفسه في براثن الجمود والله قد أمره بأن يكون على بصيرة في دينه فقال تعالى: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني إنما ضل من الخلد إلى التقليد بعد أن تبين له الحق كمثل رجل أراد أن يسلك طريقاً مستقيماً واضح المسالك لا عوج فيه فوسوس إليه الشيطان قال: هل أدلك على طريق آخر هو أقرب إلى غايتك فانصاع له فأخذ يقوده كالأعمى في طريق مظلم كله تعاريج وعقبات فلما أن توسطاه قال إني بريء منك وتركه يتخبط في ديجور حالك لا يدري أين يهذل كلما أخرج يده بم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فمال له من نور.
أنحى الله باللائمة والتقريع على أهل الجمود من المقلدين في كثير من آي القرآن قال تعالى بعد أن احتج على المشركين وبيّن أن لا حجة لديهم في عبادة الأوثان (با قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون. وما أرسلنا من قبلك في قريسة من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) فقد احتج على المقلدين بأنه يجب عليهم اتباع النظر وما هو أهدى ولم يعذرهم بالتقليد فدل على أن عذر غير مقبول