للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرها يكونون سلماً تتطرق الأعداء إليه ويكونون بما وقر في قلوبهم من تمجيد الذين قلدوهم واحتقار من لم يكن على مبادئهم ولو كانوا من أبناء جلدتهم أو إخوانهم أو عشيرتهم فيستهينون بجميع أعمالهم ويحتقرون أمرهم ويسخرون منهم وبهذا وأمثاله وهنت الرابطة القومية وانحلت عقدتها وفقد التضامن الذي عبر عنه عليه الصلاة والسلام بقوله: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً مثل المؤمنين في تعاضدهم وتآزرهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وكفى بذلك مدعاة للتقهقر والانحطاط ولكن يلوح من بين هذه النابتة الذين تهذبوا بنور العلم وعركتهم يد الحوادث بصيص من الأمل يجعل الأمة تتطلع إلى مستقبل باهر كما قال فيهم بعض الفضلاء: أرى في شجرة الإسلام التي جفت أوراقاً خضراء فلا أدري أهي بقية مما مضي أو باكورة للمستقبل.

البدعة في الدين

أيها السادة

أرأيتم لو أن طبيباً وصف لأحد المرضى علاجاً رأى فيه شفاء فحدد للصيدلي ما يحتاجه ذلك الدواء من العقاقير وبالتالي مقاديرها وكيفية تركيبها فخالف الصيدلي أمر الطبيب وأخذ يزيد وينقص في المقادير كيف شاء حتى جعلها سماً زعافاً لا دواء نافعاً إنكم ولا شك تحكمون على هذا الكيماوي إما بالجهل في صناعته وإما بالغش والخيانة وإنه من أكبر العاملين على تفشي الأمراض وإزهاق الأرواح بسبب ما يرتكبه من الخطل في تلك المهنة الشريفة.

ولكم مثل الذي يبتدع في الدين ويفتري على الله الكذب لأن القرآن والسنة والله هما شفاء لما في الصدور قال الله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة. ونزلنا الكتاب تبياناً لكل شيءٍ فالذي يبتدع في الدين إنما يحارب الله ورسوله ويصيب كبد الإسلام بسهم مسموم.

يا حسرة على الإسلام وظهرت بوادر هذه البدع في إبان الإسلام فكان قادة الإسلام يحاربونها بسلاح القرآن يدحضون الحجة بالحجة ويقرعون البدعة بالسنة إلى أن تمكن حب التقليد من النفوس وقل الاشتغال بالتفسير والحديث وأهمل التاريخ فاختلط الحابل بالنابل وراجت سوق الأحاديث الموضوعة وانتفخت بها بطون التآليف لاسيما ما يتعلق