منهابالزهد والرغائب والحثّ على القناعة باليسير والكفاف من الرزق وإماتة المطالب النفيسة كحب المجد والرئاسة والإقدام على عظائم الأمور ودب إلى الأمة داء التواكل واسترسلت وراء الأوهام وعلق بالقلوب كثير من أدران الشرك وظهرت المعجزة في حديث لتتبعن سنن من قلبكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم أليس ما نراه اليوم من تعليق الآمال بقبور الصالحين وتشييد الأضرحة وبناء القباب والمساجد عليها والتغالي في زخرفتها ونذر النذور لها وشد الرجال لزيارتها مما يعتقد كثير من الناس أنه من أعظم القربات كان في صدر الإسلام ضرباً من الشرك بل هو الشرك الذي جاء الدين بمحوه.
إن القرآن والسنة لم يتركا باباً من أبواب الشرك إلا وأوصداه بألف حجة وبرهان وخليا بين العبد وربه يناجيه ويرفع إليه حوائجه كيف شاء ومتى شاء لا يحتاج في ذلك إلى وسيط أو وسيلة اللهم إلا ما شرع لنا من وسائل الأعمال الصالحة كما فسر الرسول بذلك الوسيلة في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة.
نرى كثيراً ممن يهتدي بهم يتهافتون على هذه المهلكات تهافت الذباب على الطعام ويقتسمون ما يلقى في الأضرحة من النذور كأنه ميراث ورثوه عن الأجداد والآباء ويؤولون ما ورد في ذلك من النصوص القطيعة محديث: لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها السرج. لا تتخذوا قبري من بعدي وثقاً يعبد. لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى.
أيها السادة هذه هي أمهات البدع التي ألصقت بالإسلام ولولا أنه دين قويم قام على أساس متين لانمحى أثره من الوجود لكثرة ما رزيء به من أمثال هذه الأمراض القتالة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لم أرَ ديناً كدين الإسلام خول لكل فرد من أفراد الأمة الإشراف على الشؤون العامة والقيام بأمر الإرشاد والنصيحة وأطلق لهم عنان الحرية في مباشرة هذين الأصلين بحسب ما تستدعيه حالة الأمة. قال الله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أوياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فالذي لم يقم بهما لا شك أنه خارج من هيئة المؤمنين.
كان خطباء المساجد هم من القائمين بهذه الوظيفة يمزجون مصالح الأمة بالمواعظ