عليه أن يفعله وهل كان يسير في النهج القويم فإذا كان ذلك فهو يدرك جماعته قبل أن يبلغهم الفرسان الأربعة ولكنه إذا كان يعتسف في طريقه فماذا يحدث؟ وبعد أن فكر قليلاً قال لا، لا، إنني أتبع الآثار ذاتها ثم لكز جواده وأخرج من كيس معلق بسرج الجواد بعض الأمتعة الصغيرة، ثم ساق مطيته إلى سفح الرابية حيثما ربطها في مرجة صغيرة محاطة بالعليق حيث يجد الجواد حوله شيئاً من الكلأ فيمكن لنكارتر أن يتركه هناك برهة طويلة دون أن يخشى عليه شراً ثم اطرد سيره ماشياً.
وقد تبع في مسيره ضفة النهر وما زال يسير حتى وصل إلى مضيق عميق تندفع إليه مياه النهر بسرعة وتنصب فيه فيسمع لها دوي شديد، وكان ممتداً على المضيق جذعا شجرتين كبيرتين قصفهما النهر فأشبها جسراً ورأى نكارتر آثاراً دلت على أن خيولاً عبرت ذلك الجسر حديثاً فتتبع الآثار فقاده تتبعه الآثار إلى غابة كثيفة نظر من خلال أشجارها خطاً من الدخان رآه وهو على الصخرة غير أنه كان الآن قريباً منه وهو يتصاعد من بناية خشبية عاث السوس في عوارضها.
وكانت تجري أمام هذا الكوخ ساقية جميلة مملوءة بالسمك وأمامها ما يشبه الاصطبل قد ربط فيه ثلاث جياد.
ولم يكن غير هذا الكوخ معموراً في الجوار، فاقترب نكارتر بهدوء وأصغى لما يجري داخل الكوخ الذي ظهر له أنه كوخ رجل يفتش عن مناجم الذهب فيسمع من الداخل جلبة وضجة، فتقدم بدون احتراس إلى أن دخل الباب فسمع صوتاً يقول:
قد اكتفينا يجب أن نضع حداً لهذا الإنكار، فاسمع يا كراب الحقيقة إننا نريد أن نقاسمك فإذا أصررت على الإنكار لا نسلبك ماستك فقط بل حياتك أيضاً.
ثم ارتفع صوت آخر يقول:
إننا لم نأت إلى هنا لنسمع ثرثرتك.
فأجاب شخص ثالث:
ـ افعلا ما بدا لكما، إذا لم تخجلا أن تهاجما أعمى مسكيناً وتقتلاه فلا تترددا، ولكنني أعيد عليكم إنني لا أعرف ماذا حدث للماسة وأود أن أبذل جهدي لأبرهن لكم صحة قولي فإنني خلعت ثيابي عندما أمرني دلمار فهل تودون أن أعيد ذلك الآن؟