للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا يرمون إلا إلى أعداد نساخين جيدين وأي فائدة لتعليم الرسم إذا لم تتحرك المخيلة.

لتعليم اللغات مقام رفيع في طريقة تدريسنا وليس هذا بعجيب فإن فهم الإنسان للغته وإجادة الكتابة والتكلم بها هو من أثمن المساعدات للذهن، ومعرفة اللغات الميتة يفتح أمامنا ميدان الفكر القديم كما أن معرفة اللغات الحديثة ضرورية لتتبع حركة الفكر الحديث، فباللسان يجد الفكر ما يعبر عنه فهو أداة من الألفاظ تتقدم وتتأخر على الدوام منها إلى الفكر ومنه إلى الألفاظ وتتطلب فكراً عاملاً أبداً، ولا عجب من ثم إذا صرف وقت طويل في التعليم المدرسي من حيث تنمية القوة الشفهية فإن هذا الاهتمام في محله والواجب أن يعنى فقط بأن تكون هذه الدروس بحيث يستخرج منها الشبان أعظم المنافع العقلية.

وهنا نبدأ أولاً بالكلام على التمرين الذي يذهب العقل فيها من الألفاظ إلى الفكر فمن أول الدلائل وأدلها على بيان ذكاء الطفل أن يفهم ما نكلمه به وإذا كان لا يفهم معنى الكلمات وكان من الصعب علينا إلا قليلاً أن نشرحها له فيجب عليه أن يحرزها وهو استدلال يستلزم منه أن يكون ذا ذكاءٍ مدهش وبعد أن يتقدم فيه تعليم اللسان يصبح معنى الكلمات المستعملة مألوفاً له ولا يتعب فهمها ذهنه بل تكون له مفهومة بذاتها بدون أدنى تعمل ويبقى عليه دائماً ألفاظ جيدة وتراكيب جمل غير عادية ليدرك معانيها وكلما نظر درساً جديداً يجد أمامه مادة خاصة من ألفاظ تقف أمامه بعض الشيء، فنحن في مطالعاتنا نعثر كل ساعة على جمل لا تفهم لأول وهلة وبعض الأفكار لا يتأتى أن يعبر عنها بصورة واضحة وتعابير مستعملة، ومهما بلغ من استعمالنا اللغة والذكاء فلا بد في شرح صورها الشفاهية من درجة خفيفة لا يرقى إليها المرء إلا بمحاولة الفهم، وهذا الجهد نافع للعقل ولذلك كانت اللغة التي نريد اقتباسها زمان الدراسة غير مألوفة لنأكل الألفة وكان درسها عبارة عن تمرين عقلي حقيقي.

وبهذا النظر لا نرى بداً من التوصية باستعمال الترجمة فإنها في الحقيقة إحدى الرياضات المدرسية الدالة على فرط الذكاء فيضطر الولد فيها أن يفرض عدة وجوه للمعاني الكثيرة التي يحتملها النص وتمييز أوجه الشبه بينها ويستخرج من مجموع معنى الجملة المعنى الخاص بها الذي يجب إعطاؤه لكل كلمة فيتمرن على هذه الصورة ذكاؤه وعقله، ولا فرق بين أن يكون هذا التمرين بلغة حية أو ميتة ويجب أن يلاحظ فقط أن الطريقة المتبعة في