للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو علي باشا مبارك ناظر المعارف فسعى وربما كان بدون قصد سيء منه لإحلال اللغة الإنكليزية محل اللغة العربية في المدارس الأميرية زاعماً بأن الواجب على المصريين مخاطبة المحتلين بلغتهم وهذا لا يتأتى إلا إذا أتقن المصريون لغة البريطانيين فبدأت نظارة المعارف في أيامه وبعدها تسلب وظائف التدريس من المصريين وتعطيها لأبناء انكلترا وقطعت الإرساليات العلمية إلى أوربا حتى لم يكد يبقى اليوم من أولئك المدرسين المصريين غير شيوخ قلائل إذا عادوا إلى منابر التعليم لا يسدون حاجة مصر وأخذت المعارف في عهد المبارك تطهر المدارس بأمثال دنلوب وارثين من كل ما ينفع اللغة أو كان من آثار النهضة الأولى حتى لقد كانت تطرح الكتب المترجمة أكداساً من مستودعاتها كما يطرح القذى والنوى لتسجل العار على من عقوا لغتهم وأمهم كما عق أخوة يوسف ابن أبيهم عل حين كان علي مبارك من جهة ثانية يؤسس دار العلوم ويؤلف التأليف التي تخدم العربية مثل الخطط وعلم الدين وغيرهما من مصنفاته.

قال غالب بك كان أكثر أساتذة المدارس التي أنشئت في مصر على عهد نهضتها الأولى من الفرنسويين المستعربين يكتب الأستاذ درسه بالفرنسوية والمترجم معه ينقله إلى العربية فيلقي على الطلبة بلغتهم دام ذلك منذ سنة ١٨٣٠ إلى سنة ١٨٥٤ وقد كتب فيها الأستاذ بروجر بك الفرنسوي رئيس مدرسة الطب والولادة والصيدلة والمستشفيات المصرية إلى خديوي مصر في عهده يقول له في تقريره السنوي أن الوقت قد حان لأن تكون وظائف التدريس كلها بيد المصريين إذ أصبح فيهم الأكفاء الآن وأن مهمة فرنسا في تربية أبناء مصر في هذه الفروع العلمية قد انتهت أو كادت.

نعم في ذاك العهد تم للعربية ما تريد من تعريب المصنفات العلمية والأدبية على اختلاف أنواعها فأضحت لغة علم بعد أن انقطع سند العلوم منها قروناً وأحيا أولئك المصريون أمثال الطهطاوي والرشيدي والشباسي والهيهاوي والنحراوي وحماد وبهجت والفلكي وندى والنبراوي والبقلي ألفاظاً من لغتنا كانت في حكم الدارس هجرت منذ كان العرب يترجمون وينقلون على عهد الدولة العباسية في بغداد والأموية في قرطبة والفاطمية في مصر وأضافوا إل تلك الألفاظ ما حدث بعد عهد الحضارة العربية من المستحدثات العصرية والمصطلحات الفنية وعربوها على الطريقة التي سلك عليها أجدادنا المعربون غالباً حتى