للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعقولهم وألسنتهم، ويرتقون الفتوق بآرائهم ويتجملون بآدابهم الثالثة أمراء ثغورهم، وقواد جيوشهم، يخاطب كل امرئ منهم على قدره وبما حمل من أعباء أمورهم، وجلائل أعمالهم، الطبقة الرابعة القضاة فإنهم وإن كان لهم تواضع العلماء وحلية الفضلاءِ فمعهم أبهة السلطنة وهيبة الأمراء.

أما الطبقات الأربع الأخرى فالملوك الذين أوجبت نعمهم تعظيمهم في الكتب وأفضالهم تفضيلهم فيها، والثانية وزراؤهم وكتابهم وأتباعهم الذي بهم تقرع أبوابهم وبعنايتهم تستماح أموالهم والثالثة هم العلماءُ الذين يجب توقيرهم في الكتب لشرف العلم وعلو درجة أهله، الرابعة لأهل القدر والجلالة والظرف والحلاوة والعلم والأدب فإنهم يضطرونك بحدة أذهانهم وشدة تمييزهم وانتقادهم إلى الاستقصاء على نفسك في مكاتبتهم، واستغنينا عن الترتيب للتجار والسوقة والعوام رتبة لاستغنائهم بتجارتهم عن هذه الآلات واشتغالهم بمهماتهم عن هذه الأدوات ولكل طبقة من هذه الطبقات معان ومذاهب يجب عليك أن تراعيها في مراسلتك إليهم في كتبك وتزن كلامك في مخاطبتهم بميزانه وتعطيه قسمه وتوفيه نصيبه فإنك متى أضعت ذلك لم آمن بك أن تعدل بهم غير طريقهم وتجري شعاع بلاغتك في غير مجراه وتنظم جوهر كلامك في غير ملكه فلا يفيد المعنى الجزل ما لم تلبسه لفظاً جزلاً لائقاً بمن كاتبته ومشابهاً لمن راسلته، وإن الباسك المعنى وإن شرف وصلح لفظاً مختلفاً عن قدر المكتوب إليه لم تجر به عادتهم تهجين للمعنى وإخلال بقدره وظلم لحق المكتوب إليه ونقص مما يجب له كما أن في امتناع نعارفهم وما انتشرت به عاداتهم وجرت به سنتهم وضعاً لقدرهم وخروجاً من حقوقهم، وبلوغاً إلى غير غاية مرادهم وإيقاظاً لحجة أدبهم ضمن الألفاظ المرغوب عنها والصدور المستوحش منها في كتب السادات والأمراء والملوك على اتفاق المعاني مثل أبقاك الله طويلاً وعمرك ملياً وإن كنا نعلم أنه لا فرقان بين قولهم أطال الله بقاءك وبين قولهم أبقاك الله طويلاً ولكنهم جعلوا هذا أرجح وزناً وأنبه قدراً في مخاطبة الملوك كما أنهم جعلوا أكرمك الله وأبقاك أحسن منزلة في كتب الظرفاء والأدباء من جعلت فداك على اشتراك معناه واحتماله أن يكون فداء من الخير كما يكون فداءً له من الشر ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص فداك أبي وأمي لكرهت أن يكتب بها أحد على أن كتاب العسكر وعوامهم قد