صدق الحديث وإنجاز الوعد وإن كان مدحاً فهو واجب على كل والملوك لا يمدحون بالفروض الواجبة وإنما يحسن مدحهم بالنوافل لأن المادح لو قال لبعض الملوك إنك لا تزني بحليلة جارك وإنك لا تخون ما استودعت وإنك تصدق في وعدك وتفي بعهدك كان قد أثنى بما يجب ولكنه لم يصل بثنائه إلى مقصد وقال ما لا يستحسن مثله في الملوك.
ونحن نعلم أن كل تولى من أمور المؤمنين شيئاً فهو أمير المؤمنين غير أنهم لم يطلقوا هذه اللفظة إلا للخلفاء خاصة ونعلم أن الكيس هو العقل إذا عنوا به ضد الحمق ولكنك لو وصفت رجلاً فقلت: إن فلاناً لعاقل كنت قد مدحته عند الناس ولو قلت أنه كيس كنت قد قصرت في وصفه وقصرت به عن قدره إلا عند أهل العلم باللغة لأن العامة لا تلتفت إلى معنى الكلمة إلا إلى حيث جرت منها العادة في استعمالها في الظاهر مع الحداثة والعزة وخساسة القدر وصغر السن فقد روينا عن علي رضي الله عنه أنه تبجح بالكيس حين بنى الكوفة وقال:
أما تراني كيساً مكيساً ... بنيت بعد نافع مخيساً
حصناً حصيناً وأميراً كيساً
وقال آخر: ما يصنع الأحمق المرزوق بالكيس ونعلم أن الصلوة وحي غير أنهم قد حرموها إلا على الأنبياء كذلك روي عن ابن عباس (رضه) وسمع سعد بن أبي وقاص أخاً له يلبي ويقول: ياذا العارج فقال نحن نعلم أنه ذو المعارج ولكن ليس كذلك كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كنا نقول: لبيك اللهم لبيك وكان أبو ابراهيم المزني قال في بعض ما طالبه به داود بن علي خلف الأصبهاني فقال: وإن قال كذا فقد خرج من الملة والحمدلله فانتقد عليه ذلك داود وقال: تحمد الله علي أن يخرج مسلماً من الإسلام هذا موضع استرجاع وللحمد مكان يليق به ونحن نقول على المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون.
فامتثل هذه الرسوم والذاهب وأجر على آدابهم فلكل رسومٌ امتثلوها وتحفظ في صدور كتبك وفصولها وافتتاحها وخاتمتها وضع كل معنى في موضع يليق به وتخير لكل لفظة معنى يشاكلها وليكن ما تختم به فصولك في موضع ذكر الشكوى بمثل والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل، وفي موضع ذكر البلوى نسأل الله دفع المحذور ونسأل الله صرف السوء وفي موضع الذكر المصيبة بمثل إنا لله وإنا إليه راجعون، وفي موضع ذكر النعم بمثل