للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعاذ الله أن يريد هذه الفوضى للشريعة الإسلامية عاقل قط وإنما المراد أن ينظر في المسائل التي يقتضيها تغير الزمان وتجدد المصالح والحاجات عَلَى شرط عدم الوقوع في ذلك المحذور الذي يخشاه العلماء وذلك بأن تناط قوة التشريع والاجتهاد في المسائل الطارئة في كل عصر بجماعة من أهل العلم الواقفين عَلَى دقائق الكتاب والسنة والعارفين بحاجات الأمة ليقرروا لها الأحكام الموافقة لمقتضى الحال ثم تنال هذه الحكام تصديق أهل الحل والعقد فتصبح قانوناً رسمياً يتحتم العمل به في الحكومة الإسلامية التي هي في حاجة إليه لا يعدل عنه إلى غيره من أقوال الفقهاء والعلماء وإن مجتهدين فتضبط بهذا قوانين الشريعة ويؤَمن عليها تطرق الفساد ثم يكون من ذلك أن تحدد هذه القوانين تحديداً يغني عن الرجوع إلى كتب الفقه التي تختلف في المسألة الواحدة اختلافاً كثيراً يؤدي في كثير من الأحيان إلى التشويش عَلَى القضاء ويكفي أن تكون تلك الكتب شروحاً لقوانين الشريعة المعمول بها يومئذ يرجع إليها عند الضرورة والحاجة إلى تفسير نصوص ذلك القانون كما هو الشأن في مجلة الأحكام العدلية المعمول عليها في محاكم الدولة العثمانية دون غيرها.

للقضاء في الإسلام دوران دور العمل بالأصول ودور العمل بالفروع وإنما اخترت هذا التقسيم لاختصار الطريق أو اختصار البحث خوفاً من تعب القارئ والسامع مع أن أدواره بعد دور التشريع الأول كثيرة جداً إذا اعتبرنا تقسيمه إلى طبقات المفتين والمحدثين من الصحابة والتابعين ثم الأئمة المجتهدين ومن بعدهم من طبقات الفقهاء والمقلدين من أتباع كل مذهب نعتبر ذلك بما قسموا إليه طبقات الفقهاء والمقلدين من أتباع كل مذهب نعتبر ذلك بما قسموا إليه طبقات الحنفية مثلاً فقد قالوا أنهم ينقسمون إلى ست طبقات: البقة الأولى طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمد وغيهما من أصحاب أبي حنيفة القادرين عَلَى استخراج الأحكام من القواعد التي قررها الإمام.

والثانية طبقة المجتهدين في المسائل التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب كالخصاف والطحاوي والسرخسي والخلواني والبزدوي وغيرهم وهم لا يقدرون على مخالفة إمامهم في الفروع والأصول لكنهم يستنبطون الأحكام التي لا رواية فيها عَلَى حسب الأصول.

والثالثة طبقة أصحاب التخريج القادرين عَلَى تفصيل قول مجمل وتكميل قول محتمل من دون قدرة على الاجتهاد.