للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الاختلاف بين رأس المال والعمل فليس في الحقيقة إلا اختلافاً بين المنفق الذي يهمه أن يرى أسعار الأسواق متدنية ما أمكن وبين العامل الذي يقبض أجرته ويرمي برفع الأجور وتنقيص ساعات العمل إلى زيادة قيمة ما يعود عليه.

ولم يفتأ الاقتصاديون يحاربون كل من يقصدون إحداث قيم مصنعة بما يدبرونه من الوسائط السياسية والإدارية والشرعية أو يعمدون إلى استعمال الشدة والقسوة في انفاذ ما يريدون سواءٌ كان بوضع الضرائب أو الاعتصابات أو برفع سعر الفائدة في الافتراض أو برفع سعر السلعة الفلانية أو قيمة الشيء الفلاني ثم زيادة سعر الحنطة بوضع رسوم الجمارك عليها وخفض قيمة الخبز إلى أقل من سعر الحنطة مادته الأولية بوضع رسوم البلدية عليه.

إن الإحسان والرفق بالضعفاء يزيدان في شقاء البائسين ويكثران من عدد المحاويج والمعوزين. فالاقتصاديون يوجدون الأسباب للقضاء عَلَى الشقاء من أصله بدلاً من أن يعمدوا إلى صوغ جمل محزنة مبكية كما يفعل من يجمعون الصدقات ليستدروا بأعمالهم أموال المحسنين ولذلك يوصف الاقتصاديون بكزازة الأيدي وأولئك المحسنون بسباطتها.

حارب الاقتصاديون الامتيازات في كل مكان واثبتوا ما يحق لكل عامل أن يتناوله من عمله ورسموا له جزاءً يساوي أتعابه ولقد ابان آدم سميث كيف أن من يبحثون عن منفعتهم الخاصة يضمنون النجاح العام. ولا يستطيع مالك رأس المال أن ينتفع به إلا بأحد وجهين إما ان يستعمله في أمور تأتي بربح أو أن يقرضه لأناس يستخرجون منه أرباحاً يعطون لقاءها فائدة ولا يأتي رأس المال بربح إلا عَلَى شرط أن يلقى به للاستثمار أو أن يصرف في سد حاجة ويدفع عنها ما يقابلها وأجرة رأس المال هي في الحقيقة مقياس الانتفاع من استخدامه.

قال الاقتصاديون: أن عَلَى المرءِ تبعة عمله فلا تعتبر الحكومات أداة بسيطة وآلة صماء فالرق والعبودية ممنوعة وحرية العمل أشرف من الاستعباد فيه وإن العامل إذا عمل مدفوعاً بعامل الربح يعمل أكثر مما إذا عمل مكرهاً وأثبتوا أن لا شيءَ بلا مقابل ولكل عمل ثمن وأجرة. وإن المسائل الاقتصادية تتجلى بالربح والخسارة وهناك العيار الذي قلما يختلف مما ليس لغيرها من المسائل. فالافراد يعملون ويقتصدون لأن الحكومات لا تخضع