للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعد المكتبة الخديوية في مصر ومكاتب الأستانة التي تتجاوز الأربعين مكتبة ومكتبة المجلس البلدي في الإسكندرية ومكاتب دمشق وبيروت وحلب وبغداد والمدينة ومكة وغيرها من بلاد الشرق الأدنى إذا جمعت كلها في صعيد واحد وجعلت لها فهارس وقوائم منظمة إلا جزءاً صغيراً من ذاك الجسم الكبير. وعَلَى تلك النسبة قس المطالعين والمراجعين في مكتبة الأمة بالنسبة لأمثالهم في البلاد العثمانية والمصرية فتراهم عند الساعة الرابعة بعد الظهر يخرجون رجالاً ونساء شيوخاً وعجائز شباناً وشابات كالقطيع الكبير لا يقل عددهم عن خمسمائة وربما الألف أحياناً وتجد فيهم الغرباء من أمم أوروبا وآسيا وأميركا وإفريقية ممن تجمع بينهم كلمة العلم الجامعة وكلهم يتنافسون في البحث والدرس ويستخرجون من ركاز تلك الكنوز ما يصوغونه عقوداً ثمينة وتعاويذ محلاة تقي البشر شر الجهل والخرافة ولعله يخطر ببال بعضهم أن هذه المكتبة هي كل ما في فرنسا من خزائن كتب صرف الفرنسيس فيها قواهم وجمعوا لها من أقطر الأرض كل غال ونفيس عَلَى عادة الإفرنج في التغالي بفخامة مصانعهم وضم شتيت متفرقهم وحرصهم على الاجتماع للانتفاع ولكن في باريز وحدها من المكاتب العامة ما لو جمع أيضاً لكان منه مكتبة كمكتبة الأمة بكثرة أسفارها إلا أن هذه تفوقها بالنوادر من المخطوطات.

ولباريز عشر مكاتب أخرى في كل واحدة منها عشرات الألوف من المخطوطات والمطبوعات دع عنك خزائن كتب الجمعيات والمدارس والكليات والمجامع فإن لكل واحدة منها ما يقتضي للمطالع من أسفار المراجعة وغيرها. أما خزائن كتب الأفراد فهذه لا يحيط بها إلا علاّم الغيوب أو من يدعي أنه يعرف ما حوت باريز من علم وأدب وذهب ونشب.

ويقول العارفون أن قواعد بلاد الإنكليز السكسونيين كألمانيا وإنكلترا والولايات المتحدة تحسن استخدام أسفارها أكثر من الجنس التوتوني اللاتيني كالفرنسيس والطليان والاسبان وغيرهم إذ ثبت أن تلك الأمم العظمى الراقية أكثر إحساناً للانتفاع من قواها الطبيعية والصناعية على أسلوب حديث لم يخطر ببال الفرنسويين الذين جروا في أوضاعهم وترتيب مصانعهم وتنظيم شؤونهم عَلَى تقاليد لهم قديمة وإن عرف عنهم أنهم أسبق الأمم إلى الجديد ولكن تجديدهم في أمور دون أخرى.

والانتفاع من الكتب أيضاً لم يخرج عن هذا النظام حتى قالوا أن نفائس المخطوطات