للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثامن وقد حسنت فيه حال الفلاح الفرنسوي وزاد عدد المالكين من أبناء القرى زيادة مهمة وارتقت الصناعة والتجارة عَلَى ما كان يقف في سبيلها من القيود الكثيرة والأنظمة المنوعة وارتقت الأدبيات وتحررت من قيودها القديمة وأخذت الفلسفة تبحث في التسامح الديني والحرية والسياسية وإصلاح القوانين الجنائية وتمايز الطبقات الاجتماعية وعارض مونتسكيو نظرية أن الملك ملهم من الله وحقه إلهي عَلَى سكان الأرض بنظرية الحكم الملكي النيابي ووضع روسو نظرية العهد الاجتماعي.

نبهت البارلمانات في مكافحتها سلطة الملوك (سنة ١٧٨٨) أفكار وكلاءِ الشعب فبدأَت الأمة ترفع صوتها وكان الملوك يخفتونه ولا يرون لها حقاً في مطالبتها بحق واتفق أن وقعت البلاد في عسر مالي فاجتمع وكلاءُ الأمة ينظرون في حل ما أصابهم فنشأَت بعد حين الثورة الأولى (١٧٨٩) وأعلن لويز الرابع عشر أن الأمة كلها للملك ولكن جاء في قانون حقوق الإنسان والوطني أن مبدأَ كل سلطة ينبعث من الأمة بجوهره فما من جماعة ولا من شخص يستطيع أن يحكم حكماً لا يكون صادراً عنها بالفعل وهكذا مات حق الملوك الإلهي المزعوم وأتت الثورة عَلَى أعشار رجال الدين والإقطاعات والسخرات والأحكام التي يحكمها أرباب الإقطاع وساوت بين الناس في الواجبات والضرائب وقضت على قليل الكفاءة من أرباب الغنى أن توسد إليه الوظائف الكنائسية والحربية بدون استحقاق وحمت الحرية الشخصية وحرية الضمير وحرية التكلم والكتابة وحرية المسكن وتساوي كل وطني من أكبر كبير إلى أصغر صغير في الخدمة العسكرية ودفع الضرائب كل بحسب طاقته وثروته.

هذا موجز الأساس الذي قام عليه بناء النظام الجمهوري ثم عراه قليل من التعديل بتقلب أنواع الحكومات وقيام بعض الأدعياء بالملك إلى عهد الجمهورية الثالة بعد حرب السبعين مع ألمانيا وعندها استقرت الحال عَلَى ما تراها إلى اليوم.

أما نشأَة الآداب والعلوم فلكل منها تاريخ ويقال على الجملة أن اللغة الفرنسوية هي بنت اللغة اللاتينية تكوّنت عَلَى صورة غريبة إلى أن وصلت في عشرين قرناً إلى حالتها وكانت أدبياتهم دينية لأول أمرها وبعضها شعري ونثري وأكثرها خرافي ولم تخلص اللغة من القيود العائقة إلا في القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر. وتاريخ العلم