عليه ومعلوم أنه لا يقدر على دفعها فإنه سواء حاول فعلها أو حاول تركها فتلك الخواطر تتوارد على طبعه وتتعاقب على ذهنه بغير اختياره.
(وأما القسم الثاني) وهو أنها حصلت بفعل إنسان آخر فهو ظاهر الفساد. ولما بطل هذا القسمان بقي (الثالث) وهي أنها من فعل الجن أو الملك أو من فعل الله تعالى (أما الذين قالوا) أن الله تعالى لا يجوز أن يفعل القبائح فاللائق بمذهبهم أن يقولوا أن هذه الخواطر الخبيثة ليست من فعل الله تعالى فبقي أنها من أحاديث الجن والشياطين، وأما الذي قالوا أنه لا يقبح من الله شيء فليس في مذهبهم مانع يمنعهم من إسناد هذه الخواطر إلى الله تعالى) اهـ.
المارودي
قال في كتابه أعلام النبوة: الجن من العالم الناطق المميز يتناسلون ويموتون، وأشخاصهم محجوبة عن الأبصار، وإن تميزوا بأفعال وآثار، إلا أن يخص الله برؤيتهم من يشاء، وإنما عرفهم الإنس من الكتب الإلهية، وما تخيلوه من آثارهم الخفية،
(ثم قال): واختلفوا في الشياطين فزعم قوم أنهم كفار الجن يتناسلون ويموتون وزعم آخرون أنهم غير الجن وإنهم من ولد إبليس واختلف من قال بهذا في تناسلهم وموتهم فذهب فريق منهم إلى أنهم يتناسلون ويموتون وذهب آخرون إلى أنهم كإبليس لا يموتون إلا معه وإن تناسلهم انقطع بأنظار إبليس إلى يوم يبعثون، فإن أنكر قوم خلق الجن ولم يؤمنوا بالكتب الإلهية قهرتهم براهين العقول وحجج القياس (ثم أسهب في ذلك رحمه الله).
القاشاني
قال في تفسير آية وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن في سورة الأحقاف ما مثاله: الجن نفوس أرضية تجسدت في أبدان لطيفة مركبة من لطائف العناصر سماها الحكمة الفرس (الصورة المعلقة) ولكونها أرضية متجسدة في ابدان عنصرية ومشاركتها الأنس في ذلك سميا ثقلين وكما أمكن الناس التهدي بالقرآن أمكنهم وحكاياتهم من المحققين وغيرهم أكثر من أن يمكن رد الجميع وأوضح من أن يقبل التأويل:
وقال في تفسير سورة الجن: قد مر أن في الوجود نفوساً رضية قوية لا في غلط النفوس