السبعية والبهيمية وكثافتها وقلة إدراكها ولا على هيآت النفوس الإنسانية واستعداداتها ليلزم تعلقها بالأجرام الكثيفة الغالب عليها الأرضية_وملا في صفاء النفوس المجردة ولطافتها لتتصل بالعالم العلوي وتتجرد أو تتعلق ببعض الأجرام السماوية متعلقة بأجرام عنصرية لطيفة غلبت عليها الهوائية أو النارية أو الدخانية على اختلاف أحوالها سماها بعض الحكماء (الصور المعلقة) ولها علوم وإدركات من جنس علومنا وإدراكاتنا، ولما كانت قريبة بالطبع من الملكوت السماوي أمكنها أن تتلقى عالمها بعض الغيب فلا تستبعد أن ترتقي إلى أفق السماء فتسترق السمع من كلام الملائكة أي النفوس المجردة_ولما كانت أرضية ضعيفة بالنسبة إلى القوى السماوية تأثرت بتأثير تلك القوى فرجمت بتأثيرها عن بلوغ شأوها وإدراك مداها من العلوم، ولا تنكر أن تشتعل أجرامها الدخانية بأشعة الكواكب فتحترق وتهلك أو تنزجر من الارتقاء إلى الأفق السماوي فتتسفل فإنها أمور ليست بخارجة عن الإمكان اهـ.
القاضي أبو يعلي بن الفراء
نقل عن السفاريني أنه قال: الجن أجسام مؤلفة وأشخاص ممثلة ويجوز أن تكون رقيقة وأن تكون كثيفة خلافاً للمعتزلة في قولهم أنها أجسام رقيقة ولرقتها لا نراها (قال): ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال في الصور وإنما يجوز أن يعلم الله ضرباً من ضروب الأفعال إذا فعله نقله الله من صورة إلى صورة فيقال أنه قادر على التصوير والتخييل على معنى أنه قادر على أمر إذا فعل نقله الله عن صورة إلى صورة أخرى لجري العادة وإما أن يصور نفسه فذلك محال لأن انتقالها عن صورة إلى صورة إنما يكون بنقص البنية وتفريق الأجزاء وإذا انتقلت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة وكيف تنقل نفسها (قال) والقول في تشكيل الملائكة مثل ذلك (وسيأتي أول الخاتمة مبحث تمثل الروحاني مفصلاً).
شيخ الإسلام ابن تيمية
نقل عنه السفاريني أنه قال: لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن وكذا جمهور الكفار لأن وجودهم تواترت به أخبار الأنبياء تواتراً معلوماً بالاضطرار يعرفه