ومن غرائب هذه البلاد أن الهواء فيها مع ارتفاعها المتناهي عن سطح البحر وجاورتها لأعظم جبال آسيا هو باردٌ جافٌ لا مطر فيه أصلاً حتى أن الثلج قلما يرونه في تلك الأصقاع والخشب هنالك لا يبلى بل يصير صلباً حتى يضارع الصوان ويبقى مع الدهر.
كذلك اللحم إذا عرضته للهواء يجف حتى يمكن سحقه بسهولةٍ فيصير ناعماً كالكحل وهكذا يفعلون.
ومع هذا لا ينبت فيها شجر برّي قط تجد في أوديتها المحجوبة عن الزعازع والأعاصير أشجاراً مثمرة كثيرةً كالتفاح والتين والكروم والرمان والجوز وهناك يزرع الأرز والحنطة والشعير وما يماثله من أنواع الحبوب فتكون غارته جيدة بخلاف نجادها المرتفعة المعرضة للرياح فإنها لا تصلح للزراعة إلا شذوذاً.
وهي غنية بمعادنها الثمينة فإن الذهب والحجارة الكريمة كالزبرجد والماس توجد هناك بكثرةٍ كما يوجد أيضاً الرصاص والزئبق والحديد والبورق والملح.
وأهلها على غرابة دينهم وخشونة شعائره لينو العريكة دمثوا الخلق خفيفو الروح أولو شجاعة وكرم وأمانة ومروءة ينزعون إلى الحرية والاستقامة والصدق في معاشراتهم ومعاملاتهم ولهم كأهالي فينيقية الأقدمين أشد الولوع بالتجارة على اختلاف مناحيها وأكثرهم زاهد في الزراعة لعقم أراضيهم وقحلها ولكنهم يستغلون باستخراج المناجم والتعدين ولهم حذق عجيب بتثقيف الحجارة الكريمة وإصلاحها وإظهار رونقها ولمعانها.
ولغتهم وإن كانت من ذوات المقطع الواحد إلا أنها واسعة يعبر بها عن المعاني الفلسفية والدينية مهما كانت دقيقة غامضة بسهولةٍ وجلاء وهم يكتبون بها من الشمال إلى اليمين كما يكتب الهنود باللغة السانسكريتية ومكتبتهم غنية في آدابها وأكثرها أناشيد وتراجم وشروح مستمدة من كتب البوذيين المقدسة.
ويذهب أكثر علماءِ (البيولوجيا) أن أصل هذه الأمة مغوليٌّ ويقيم بين ظهرانيها قليل من المسلمين ومعظمهم من أهالي كشمير ويوجد هناك أيضاً بضعة آلاف من الكاثوليك.
ويكثر عند اللامويين تزويج جملة رجال بامرأة واحدة كأهالي جزيرة سيلان وهي عادة مستفيضة في كل أمة أو بلاد تقل نساؤها ويكثر رجالها.