للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حلقات من سلسلة تاريخ الآداب عند المغربيين. فمن هذه المذاهب مذهب يرى زعماؤه أن الغاية من الصناعة هو إصلاح الإنسان وتعزيته لتخفيف آلامه عند حلول المصائب والنوائب. فتجدهم يضعون قلوبهم وأفكارهم في كتبهم بدعوى أنهم بتأثراتهم هذه تثور ثائرة القارئ. وإن ذوق كاتب القصة الشخصي ليتمثل في تضاعيف كتابه فتراه يختلق أشخاص الوقائع ليصف شعوره الذاتي وشوقه المبرح به نابذاً العناية يبث العواطف في أبطال الرواية ظهرياً. منة أجل هذا ندر من استفاد التاريخ وعلم الاجتماع من أمثال هذه المؤلفات.

وما يحملهم على ذلك إلا مشيهم مع شعور القراء وتنزلهم من عقول العامة لأن هؤلاء اعتادوا أن يعيشوا مجردين عن الحقائق العادية وأنهم ليتذمرون من مطالعة صفحات حياة الإنسان كما هي. ولذا كانت خطتهم في الروايات وكانت القصص السامية والأشعار الرقيقة الحافلة بالشعور ليس لها كلمة عالية. وقد سمي هذا المذهب.

مذهب المفكرين).

وهناك مذهب آخر في الإنشاء يدعى الخياليين وهو كما عرفه ستاندال هوب: عبارة عن صناعة تمثل نتائجها الأدبية ما يلائم معتقدات الأقوام وأطوارهم وعاداتهم في الحال الحاضرة مما يبعث في نفوسهم سروراً ونشاطاً بل هو كما يقول الناقد الشهير بروتير: هو أن لا يعرف الصانع سوى ذوقه وتهوساته وخيالاته قاعدة وأصلاً بل كما قال إميل فاكي: إن روح الرومانتيزم الحقيقية هو الحذر من الحقيقة وإن لم يكن لها الصانع في صدره موجدة ونفوراً. قالوا: وهذا الحذريتم باستسلام الفكرة للمخيلة كل الاستسلام وليس في هذا المذهب مشاهدة ولا تحقيق ولا ترصد كما أنه ليس ثمة معقول ولا محاكمة ولا منطق لأن هؤلاء كلها أمور تدين للحقيقة المادية_هذا هو أصل الرومانتيزم.

ومن المذاهب التي نشأت وشاعت المذهب التاريخي الذي كان زعماؤه يعنون بوضعه في الروايات التاريخية فيحرفون الحقائق التاريخية عن مواضعها وهم من التزوير والافتئات بحيث كانوا يطبقون قواهم المخيلة وعامة ما يخترعونه من الأفكار على الوقائع والحادثات. فالتاريخ عندهم كما قال اسكندر دومافيس مسمار يستعينون به على تنضيد ألواحهم فليس لديهم من ثم فكرة سوى أنهم يعملون على إدخال البشر والارتياح في نفس