القارئ. بيد أن لجمال الأسلوب ورقة الوصف عندهم مكاناً من العناية. وأمثل نموذج لهذه المؤلفات التاريخية وأحفلها هم كتاب خمسة آذار لألفريد دوفيني ونوتردام دوباري لفيكتور هوغو.
وقد نشأ مذهب جديد دعي بمذهب الطبيعيين ومن أخص ميزاته هو أن زعماءه وسعوا دائرة القصص وأخذوا يبحثون عن ملجأ تلوذ به أشخاص القصة خشية أن تخوض عباب الوقائع الغريبة التي يتعلمها بعض الكتاب لتكون النتيجة إما الانتحار أو الزواج وأصحاب هذا المذهب ينظرون إلى ذلك الضرب من القصص نظرهم إلى ألعوبة يتلهى بها الفتيان والفتيات. والذي يعنون به اليوم هو صفحات التتبع فشأن القصص عندهم بنسبة ما تعيه من صحيح الوصف وحديث الوقائع.
ومن أنصار هذا المذهب من القصصيين ممن جردوا الروايات من شوائب الكذب والاختلاق بعد فلوبر إميل زولا وموباسان الكاتبان الفرنسويان المعروفان ونشأ عن هذا مذهب آخر دعي مذهب إمبرسيونيزم. والفرق بين هذا ومذهب الطبيعيين هو أن زعماء المذهب الأول يعنون بإبلاغ العواطف وآثار ما ولدته فيهم الحقيقة وهم يرون أن الحقيقة واسطة. أما أنصار الثاني فإنهم مستقلون عن الذاتية وما همهم إلا تتبع الحقيقة كما هي على حين يترجم زعماء الأمبرسيونيزم الطبيعة أكثر من أن يعيدوها مرة أخرى. وعلى هذا كان ولا جرم مذهب الطبيعيين أمتن وأرصن وقصصهم أعظم مهابة ووقاراً.
وهناك مذهب جديد وضعه الكاتب الفرنسوي الشهير بالزاك وانضوى تحت لوائه كبار المتأدبين ممن أثروا أثراً محموداً في نهضة الآداب الفرنسوية ألا وهو مذهب الحقيقيين وقد أتم وضعه فلوبر بمصنف له سماه مدام بوفاري وقد سبق هذا الرجل بلزاك وستاندال ومريمي فأذاقوا الفرنسويين بمصنفاتهم طعم الحقيقة ولكنهم لم يكسروا سورة شهوتهم بأسرها ولم يتعد تأثيرهم في نفوس القراء إيقاظ الحقيقة فيهم. ولكن مصنف مدام بوفاري علم الناس أجمع ما هو مذهب الحقيقيين بما تري في تضاعيفه من وصف الحياة بما فيها من اضطراب وضوضاء بأجلى تعبير وأوضح بيان.
وطريقة بلزاك في قصصه هو أنه يبدأ أولاً في تعريف الأشخاص ويأتي على تصوير المكان الذي يعيشون فيه والبيئة (المحيط) التي في أرجائها يجولون وما يحوي المكان من