للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأبخس الأثمان فظفر الناس منها بصحائف محرقة فيها نفائس غريب.

ولم تكن هذه المدرسة الوحيدة في القاهرة فقد كانت خزائن الكتب في المساجد والجوامع والمدارس فضلاً عن القصور والمنازل. وحسبي الإشارة إلى بعض المدارس التي امتازت بجمع الكتب النادرة فمنها المدرسة التي أنشأها بمصر القديمة في سنة ٦٥٤ الوزير الصاحب بهاء الدين علي محمد بن سليم بن حنا (بكسر الحاء المهملة وتشديد النون المفتوحة كما ضبط الثقات من المؤرخين) فقد كانت فيها خزانة جليلة من الكتب النادرة ثم نقلها فبقيت عنده حتى مات فتفرقت بين الناس وكذلك الملك الظاهر بيبرس البندقداري جعل في مدرسته الظاهرية خزانة كتب تشتمل على أمهات الكتب في عامة العلوم.

فلما تولى السلطان قلاوون جعل في قبته البديعة خزانة الكتب في جميع أنواع العلوم ولكن معظمها تفرق في أيدي الناس واقتدى به ابنه محمد فأنشأ خزانة كتب في مدرسته التي شادها بجوار هذه القبة في الجهة المعروفة الآن بالنحاسين.

وأما أسماء الأمراء والأفراد فهي كثيرة جداً مثل الأمير متكوتمر سيف الدين الحسامي والحاج سيف الدين آل ملك والأمير سيف الدين الجاي والطواشي سابق الدين مثقال والطواشي سعد الدين بشير الحمدار. وأهم الكل الأمير جمال الدين الأستادار.

ولا أنتقل من هذا الموضوع قبل أن أذكر لكم أن نساء مصر كانت لهن مشاركة في هذه المأثرة وحصة كبيرة في الغرام بالكتب وأكتفي الآن باسم الست عاشوراء بنت ساروج الأسدي وكانت عائشة في أيام صلاح الدين والست الجليلة الكبرى عصمة الدين مؤنسة خاتون بنت الملك العادل الأيوبي وكانت من فضليات أهل العلم واشتهرت بالبراعة والفصاحة وفنون الأدب والسيدة الجليلة الكبرى خوندتتر الحجازية بنت السلطان الناصر محمد بن قلاوون والست بركة أم السلطان الملك الأشرف شعبان والست أيديكين زوجة الأمير سيف الدين بكجا الناصري.

وقد بدد الزمن آثار تلكم السيدات الكريمات فلم أقف على كتاب من تلك الخزائن الكثيرة وغاية الأمر أن في دار الكتب الأهلية بباريس تحت نمرة ٢٧٥١ كتاباً في علم تعبير الرؤيا وهو مرتب على حروف الهجاء بشكل معجم ومكتوب وفي سنة ٨٣٣ هجرية برسم خزانة أميرة من أميرات مصر (إحدى البرنسات) وهي بنت السلطان الملك الظاهر جقمق.