للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جماع للكتب. قال ذلك الأديب يخاطب ذلك المذموم بما ترجمته:

في وسعك أن تعير الكتب لغيرك فتكسب أجراً وفيراً ولكن ليس في طاقتك أن تستفيد منها فتيلاً ولا قمطيراً. على أنك ما أعرت منها أحداً شيئاً مذكوراً فكان مثلك كالكلاب التي تنام في إسطبل الدواب فهي لا تقدر على أكل ما فيه من الشعير ولكنها تمنع منها الخيال وهي قديرة على الانتفاع بأكله.

ولو تأخر هذا الأديب المجيد لخر ساجداً إذا سمع قول الكتاب المجيد مثلهم كالحمار يحمل أسفاراً فانظروا يرعاكم الله إلى حسن الديباجة وإلى هاتيك الإجادة: وأما قول لوسيان فما أشبهه بقول الجاحظ ولكن في ذم الخصيان ولا ازيد على هذا البيان بغير الإشارة عليكم بمراجعة كتاب الحيوان وإليكم مثالاً مما قاله العرب في ذم من يجمع الكتب وهو لا يدري بما فيها:

زوامل للأخبار لا علم عندهم ... بحيد إلا كعلم الأباعر

لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأحماله أو راح ما في الغرائر

فلما جاء دور الرومان أنشأ الإمبراطور يوليان المنبوز بالمرتد وفي كتب العرب بالمارق دار كتب في القسطنطينية وأراد أن يتشبه بفرعون مصر ولكنه لم يبلغ شأوه فكتب على بابها هذه العبارة:

لبعض الناس صبابة بالخيل ولبعضهم ولع بالطير ولآخرين غرام بالوحش وأما أنا فقد تدلهت منذ نعومة أظفاري بشراء الكتب واقتنائها.

ومما امتازت به مدينة القسطنطينية أنها في ايم النصراني حفت في كنائسها علوم الأقدمين حتى جاء العرب فاستفادوا منها ونشروها من قبورها وكان لهم بهذه الوسيلة القدح المعلى في ترقية الحضارة وبني الإنسان وكذلك امتازت في أيام الإسلام بحفظ ما جادت به قرائح العرب الكرام في مساجدها وما علينا سوى اقتفاء أثرهم وإتباع سنتهم. وقد فتحت لكم الباب وحسبي ذلك فخراً.

جاء العرب في أيام العباسيين فانتهت إليهم كلمة عن سقراط فكانت محركة لعزائمهم وجعلتهم أئمة العلم وقادة الأفكار.

قيل لهذا الفيلسوف: أما تخشى على عينيك من إدامة النظر في الكتب فقال: إذا سلمت